الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجزئ الغسل في المدينة لمن أراد الإحرام

السؤال

أنا أسكن في مدينة الدمام وأنوي أنا وزوجتي الذهاب لأداء العمرة، ولكن سنزور المدينة أولاً، والسؤال هو: هل يجوز لزوجتي أن تغتسل في المدينة بنية الإحرام ثم عندما نصل للميقات ـ أبيار علي ـ تتوضأ وتصلي الركعتين: سنة الإحرام؟ أم يجب عليها الاغتسال في الميقات؟ وهل يجوز بعد الاغتسال أن تقوم بتمشيط شعرها مع احتمال سقوط شعر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولاً أن الغسل للإحرام مستحب وليس بواجب، فمن ترك الغسل للإحرام فإحرامه صحيح ولا شيء عليه، ومن اغتسل فقد أصاب السنة، ومن اقتصر على الوضوء فحسن، قال ابن قدامة في المغني بعد ذكر الدليل على مشروعية الغسل للإحرام: وليس ذلك واجباً في قول عامة أهل العلم، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإحرام جائز بغير اغتسال وأنه غير واجب، وحكى عن الحسن أنه قال: إذا نسي الغسل يغتسل إذا ذكره.

وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله قيل له عن بعض أهل المدينة: من ترك الغسل عند الإحرام فعليه دم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء وهي نفساء: اغتسلي، فكيف الطاهر؟ فأظهر التعجب من هذا القول، وكان ابن عمر يغتسل أحياناً ويتوضأ أحياناً وأي ذلك فعل أجزأه، ولا يجب الاغتسال ولا نقل الأمر به إلا لحائض أو نفساء ولو كان واجباً لأمر به غيرهما، ولأنه لأمر مستقبل فأشبه غسل الجمعة. انتهى.

وعليه؛ فالسنة لزوجتك إذا أرادت الإحرام أن تغتسل، وإن اغتسلت زوجتك بالمدينة ولم تمكث بها زمناً طويلاً بعده وأحرمت بذي الحليفة أجزأها، قال في مواهب الجليل: من اغتسل بالمدينة فيراعى في حقه اتصال غسله بخروجه، فإن لم يخرج من فوره وطال تأخره لم يجزه الغسل، وإن تأخر ساعة من نهار لشغل خف كشد رحله وإصلاح بعض جهازه أجزأه، قال في الأم: ومن اغتسل بالمدينة وهو يريد الإحرام ثم مضى من فوره إلى ذي الحليفة فأحرم أجزأه غسله، وإن اغتسل بها غدوة ثم أقام إلى العشاء ثم راح إلى ذي الحليفة فأحرم لم يجزه الغسل، وإنما يجوز الغسل بالمدينة لرجل يغتسل ثم يركب من فوره. انتهى.

قال سند إثر كلام المدونة: نعم لو اشتغل بعد غسله في شد رحله وإصلاح بعض جهازه ساعة من نهار كان خفيفاً. انتهى.

فإن اقتصرت على الوضوء دون غسل أصلاً ثم صلت ركعتين وأحرمت فلا حرج عليها، ولا حرج عليها في الامتشاط بعد الغسل وقبل الإحرام وإن سقط شيء من الشعر، وقد نص العلماء على استحباب التنظف وإزالة ما يحتاج إلى إزالته من الشعر قبل الإحرام، قال ابن قدامة ـ رحمه الله: ويستحب التنظيف بإزالة الشعث وقطع الرائحة ونتف الإبط وقص الشارب وقلم الأظفار وحلق العانة، لأنه أمر يسن له الاغتسال والطيب فسن له هذا كالجمعة، ولأن الإحرام يمنع قطع الشعر وقلم الأظفار فاستحب فعله قبله لئلا يحتاج إليه في إحرامه فلا يتمكن منه.

وأما الامتشاط بعد الإحرام فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 13879 فراجعها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني