الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ

السؤال

لقد قال الامام أحمد بن حنيل عن الرؤية: مروها كما هي، هل أيضا مذهب أهل السنة والجماعة السكوت عن رؤية النبي صلي الله عليه وسلم لربنا فى الاسراء والمعراج؟ ولماذا عندما سئلت السيدة عائشة ـ رضى الله عنها ـ عن ذلك، قالت: لم ير النبى صلى الله وسلم ربه، بينما الآية تقول ولقد رآه بالافق الأعلى؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكلام الإمام أحمد في الرؤية إنما هو في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه في المعراج، والثابت عنه ـ رحمه الله ـ تقييد هذه الرؤية بالقلب أو إطلاقها بغير تقييد بالعين، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 53848.

وأما رؤيته تبارك وتعالى في المنام فالحق أنها جائزة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 8271 ، وراجع في مسألة رؤية الله تعالى في الدنيا يقظة ًالفتوى رقم: 121588.

ثم ننبه السائل الكريم على أن لفظ الآية التي ذكرها هو: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ {التكوير:23}. أو: وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى {النجم:7}.

وليس معناها كما فهم السائل، قال البغوي: ومعنى الآية: استوى جبريل ومحمد عليهما السلام ليلة المعراج ـ بِالأفُقِ الأعْلَى ـ وهو أقصى الدنيا عند مطلع الشمس، وقيل: فاستوى: يعني جبريل، وهو كناية عن جبريل أيضا أي: قام في صورته التي خلقه الله عليها، وهو بالأفق الأعلى، وذلك أن جبريل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورة الآدميين، كما كان يأتي النبيين، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريه نفسه على الصورة التي جبل عليها، فأراه نفسه مرتين: مرة في الأرض ومرة في السماء، فأما في الأرض ففي الأفق الأعلى، والمراد بالأعلى: جانب المشرق، وذلك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأفق إلى المغرب، فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشيًا عليه، فنزل جبريل في صورة الآدميين فضمه إلى نفسه، وجعل يمسح الغبارعن وجهه، وهو قوله: ثم دنا فتدلى، وأما في السماء فعند سدرة المنتهى، ولم يره أحد من الأنبياء على تلك الصورة إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. انتهـى.

وقال في سورة التكوير: وَلَقَدْ رَآهُ ـ يعني رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم جبريلَ عليه السلام على صورته: بِالأفُقِ الْمُبِينِ، وهو الأفق الأعلى من ناحية المشرق، قاله مجاهد وقتادة. انتهـى.

وقد أوضح الحافظ ابن كثير ذلك في تفسيره وقرره في السورتين: النجم والتكوير، فليرجع إليه السائل الكريم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني