الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صريح الطلاق لا يفتقر إلى النية بالاتفاق

السؤال

أنا رجل متزوج منذ 6سنوات، ولقد طلقت زوجتي مرتين: المرة الأولى قلت لها لفظ الطلاق صريح مرتين: أنت طالق، طالق. ثم راجعتها بعد ثلاثة أيام، والمرة الثانية كانت بعد سنة ونصف وقلت لها أنت طالق، ولكنها كانت في فترة الحيض ولم أكن أعلم أن الطلاق حرام أثناء الحيض وهى الآن في فترة العدة، وأنا حريص جدا جدا على الرجعة هذه المرة لأنها الأخيرة، فإذا طلقت للمرة الثالثة ستكون بائنة بينونة كبرى فذهبت إلى دار الإفتاء المصرية وشرحت لهم المرة الأولى فسألني الشيخ هل قمت بتوثيق الطلاق؟ فقلت له: لا لم أفعل. فقال لي: ماذا كانت نيتك؟ فشرحت له الموقف بالتحديد كما سأوضحه الآن بالتحديد: زوجتي كانت تكثر من طلب الطلاق وأنا لا أستجيب لها ولا أعطى لكلامها أهمية، ولكن في هذه المرة أصرت بشكل فظيع وأخذت في الصراخ والبكاء فقلت لها إني لا أريد طلاقها ولا أنوى عليه فانتابتها حالة من الهياج الشديد وأخذت في الصراخ بصوت مرتفع جدا فاضطررت أن أقول لها أنت طالق حتى تسكت، ولكنى لا أريد طلاقها، فلم تسمع لفظ الطلاق من شدة الصراخ فقمت بتكرار لفظ الطلاق حتى تسكت، مع العلم أني كنت أعلم أنه بقولي اللفظ صريح سيقع الطلاق وكنت أسأل هذا السؤال حتى أعلم هل تحسب طلقة أم اثنتين بتكرار لفظ الطلاق؟ ولكني فوجئت بإجابة الشيخ بأنه إن لم تكن نيتي الطلاق بالرغم من قول اللفظ الصريح فإنها لا تحسب طلقة، فأنا في حيرة من أمري وأريد أن أعرف فيما استند الشيخ على حكمة وأي مذهب أخذ به في فتواه؟ وهل هذا الرأي قوى أم ضعيف؟ وهل إذا أخذت بهذا الرأي هل يكون حرام أم غير مستحب أم مكروه؟ أما المرة الثانية فقد تمت أثناء الحيض فأجاب الشيخ في حكمه أن الطلقة تقع أثناء الحيض ولكني سألت شيخا أزهريا ويعمل مأذونا بوزارة الأوقاف وليس من دار الإفتاء فقال لي إن هذا الطلاق يسمى طلاقا بدعيا، وإنه توجد بعض المذاهب لا تحسب الطلقة أثناء فترة الحيض فأريد أن أعرف ما صحة هذا الرأي؟ وهل هو قوى أم ضعيف لأني في حيرة شديدة من أمري لاختلاف الآراء والمذاهب. أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقولك لزوجتك أوّلاً:أنت طالق، طالق. لفظ صريح في الطلاق ـ كما ذكرت- يقع به من غير احتياج لاستحضار نية الطلاق باتفاق أهل العلم ولم نقف على قول بخلاف ذلك.

ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: واتفقوا على أن الصريح يقع به الطلاق بغير نية. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني: قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد ولا خلاف في ذلك ولأن ما يعتبر له القول يكتفي فيه به من غير نية إذا كان صريحا فيه كالبيع. انتهى.

وعليه فالقول الذي قلت إن الشيخ المذكور قد أفتاك به لم نقف على أحد من أهل العلم قال به، وبالتالي لا يجوز لك الأخذ به.

وبخصوص تكرار الطلاق مرتين فإن قصدت به إنشاء الطلاق بالعبارتين معا، أولم تقصد شيئا لزمتك طلقتان وإن قصدت التأكيد بمعني إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلت الثانية تأكيدا، أو تلفظت بها لإسماع زوجتك أو إفهامها بالطلاق لزمتك طلقة واحدة.

قال ابن قدامة في المغني أيضا: وجملة ذلك أنه إذا قال لامرأته المدخول بها أنت طالق مرتين ونوى بالثانية إيقاع طلقة ثانية وقعت بها طلقتان بلا خلاف، وإن نوى بها إفهامها أن الأولى قد وقعت بها أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة، وإن لم تكن له نية وقع طلقتان وبه قال أبو حنيفة و مالك وهو الصحيح من قولي الشافعي. انتهى.

ولا إثم عليك في طلاق زوجتك أثناء حيضها إذا لم تتعمد الإقدام على ذلك، ووقوع هذا الطلاق مذهب جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح الذي نفتي به وهو الأقرب للورع والاحتياط في الدين، وقال بعدم وقوعه بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن المتأخرين ابن باز وابن عثيمين وراجع الفتويين: 50358، 110547.

والخلاصة أنك إذا كنت في تكرارك للفظ الطلاق مرتين لا تقصد إلا إسماع زوجتك كما ذكرت فإنه يكون قد لزمك طلقتان على ما رجحناه إحداهما هذه التي كررت فيها لفظ الطلاق، والأخرى هي التي وقعت في الحيض.

وبالتالي فلك أن تراجع زوجتك قبل انقضاء عدتها، وإن انقضت عدتها فلك أن تسترجعها بعقد تتوفر فيه جميع شروط صحة النكاح.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني