الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القضاء أم لا... لتارك الصلاة والصيام بدون عذر

السؤال

كنت تاركاً للصلاة والصيام وكان بغير عذر وكنت أصلي على جنابة وتبت والحمد لله وأريد أن أكفر عن ذلك ولكنها كثيرة ولا أعلم عددها أجيبونا حفظكم الله وأستغفر الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه لا خلاف بين العلماء في وجوب قضاء الصلاة الفائتة بعذر شرعي من نسيان أو نوم، ونحو ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى يقول: وأقم الصلاة لذكري" رواه مسلم.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك" رواه البخاري ومسلم والللفظ لمسلم .
فالصلاة الفائتة في الذمة على هذا الوجه يجب قضاؤها، ولا إشكال فيها، فإن كانت معروفة بعينها وعددها قضاها، وإلا فعليه أن يحتاط، فيصلي ما يغلب على الظن أنه تبرأ به ذمته.
أما الصلاة المتروكة عمداً، فجمهور العلماء على أن حكمها كحكم المنسية ونحوها فيجب قضاؤها، وهذا هو قول الأئمة الأربعة، وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أن الصلاة المتروكة عمداً لا يجب قضاؤها، ولا تقبل ولا تصح لأنها صليت في غير وقتها، وكان تأخيرها عنه لغير عذر شرعي فلم تقبل، وذهب كثير من أصحاب الإمام أحمد وابن حزم وجماعة من السلف من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، إلى أن تارك الصلاة عمداً كافر كفراً مخرجاً من الملة، وإذا عاد إلى الإسلام، فهو غير مطالب بقضاء صلاة أو صوم، لأنه بمثابة داخل جديد في الإسلام.
وراجع الجواب رقم: 1145
والذي نراه في مثل حال السائل هو الأخذ بمذهب الجمهور، وهو أن عليه أن يقضي ما تركه عمداً من صلواته، ويدخل في هذا ما صلاه وهو جنب أو غير متوضئ، فإن كان لا يعلم عددها احتاط في العدد حتى تبرأ ذمته.
وكذلك الحال بالنسبة للصيام، فيجب قضاؤه إن كان تركه لعذر شرعي من سفر أو مرض، ونحو ذلك لقوله تعالى: (أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة:184].
وكذلك إذا تركه عمداً، فإنه يجب عليه أن يقضي العدد الذي تركه إذا كان يعرفه، وإلا احتاط حتى تبرأ ذمته، فعلى الأخ السائل أن يبادر بقضاء ما عليه من فرائض قبل أن يداهمه الأجل.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني