الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم البيع المشروط بالهبة

السؤال

عمة والدي كتبت كتاب بيع وشراء لولدي وعمتي وعمي لعقار بشرط أن يحرروا عقد هبة موثق لأولادهم بهذا العقار، وقد تم البيع، وتم تحريرعقد الهبة أيضا لنا كلنا بهذا العقار، وبقي باسمنا ـ الأحفاد ـ وكان هناك أيضا شرط في عقد الهبة وهو: أن الوالد والعم والعمة لهم حق الانتفاع فى تأجيرالعقارأو بيعه - مات والدي ومات عمي قبل بيع العقار، وعمتي على قيد الحياة - بيع العقار واستفدنا ـ نحن الأحفاد ـ وعمتي من البيع، لأن شرط الهبة بحق الانتفاع سار لعمتي، ووقع عن والدي وعمي وآلت الملكية لنا وأولاد عمي، ولكن أمهاتنا مصريات يرثن من الزوج ولا يرث من الجدة، ووالدتي بالأخص قاطعتني للأبد، وطوال الليل والنهارتدعو علي وجعلت كل أهلي من جهتها يقاطعونني، والجيران أيضا، وحرمت علي دخول منزلها ولا ترد على أي رسائل أو هواتف أو أي مبادرة صلح إلا بشرط أن تأخذ ثلث نصيبنا من بيع العقار -عمتي قالت ليس من حقها، لأن هذا إرث من عمة والدكم فهولكم، ونحن لنا حق الانتفاع فقط ما دمنا على قيد الحياة وترجع الملكية لكم بعد وفاتنا، وأنا أريد أن أرجع لأمي، ولكنها ترفض ذلك تماما إلا بثلث المبلغ وهذا شرطها، فربنا لن يسامحني لأنني قاطع لرحم أمي وأنا خائف من ربنا جداً، ولكني أحاول بالرسائل، وشرطها للصلح صعب، هل من حقها فعلا المبلغ؟ أفيدوني لأنني أحس بتأنيب الضمير وأنا أخاف الله جداً ودعوة الأم مستجابة وهي تدعي علي باستمرار ـ نصيبى فى المبلغ صرف بالفعل ـ وهى ترفض تماما أي مبلغ مني على سبيل إعانتها على الحياة وتصرعلى ثلث المبلغ من غير أن ينقص جنيها واحدا.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، هل لها الحق في ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعقد الكائن بين عمة أبيك ووالدك وعمك وعمتك لا يخلو أن يكون: عقد بيع صحيح، لكنه مشروط بهبة المنزل أوعقد بيع صوري يقصد به هبة المنزل، لكنها هبة مشروطة بهبة المنزل الموهوب، وعلى كلا الاحتمالين، فإن العقد يكون صحيحاً والشرط باطل على الراجح، جاء في فتاوى العلي المالك بعدما ذكر جملة من الأقوال في المسألة قال: لكن الأظهر عندي بطلان الشرط وصحة العقد كما تقدم.

وجاء في كشاف القناع ممزوجاً بالإقناع: ولا يصح أيضاً شرط ما ينافي مقتضاها أي: الهبة نحو اشتراط الواهب على المتهب أن لا يبيعها أي: العين الموهوبة ولا يهبها وأن لا ينتفع بها، أو وهبه عيناً، ويشرط أن يبيعها أو يهبها، فلا يصح الشرط إذ مقتضى الملك التصرف المطلق فالحجر فيه مناف لمقتضاه. انتهى.

وما قام به والدك وعمك وعمتك من تحريرعقد هبة لكم بشرط عدم الانتفاع بالموهوب في حياة الواهب فهو باطل أيضاً، لأن حقيقته كونه وصية منهم به إذ ليس لك ولا لأبناء أعمامك أن ينتفعوا بتلك الهبة إلا بعد موت والدك وأعمامك وتلك هي الوصية، وحقيقتها أنها وصية، إذ لاعبرة بتحريرعقد الهبة وتنجيزه ما دام التصرف فيه مشروطاً بالموت، وللأعمام التصرف فيه بالبيع وغيره ما داموا أحياء، والعبرة في العقود لمعانيها لا لألفاظها ومبانيها، وبناء عليه، فنصيب والدك من ذلك العقار تركة تقسم على جميع ورثته ومنهم زوجته فلها ثمنه، ولأن المسألة شائكة فلا بد من عرضها على المحاكم الشرعية لمعرفة ما كان وإعطاء كل ذي حق حقه.

وما ذكرته من قطيعتك لأمك حرام ولو أرادت هي ذلك منك، فلا تجبها إليه وصلها بما استطعت وإياك ورفع الصوت عليها والجدال معها، ومسألة الإرث يمكن حلها بما ذكرنا، وحينئذ إن كان لها حق في ذلك العقار سيصل إليها وإلا فسترضى بما تحكم به المحكمة من ذلك، على أنه ينبغي صلتها بالمال وإن لم تكن محتاجة إليه فاسع في مرضاتها وبرها، والإحسان إليها واحذر دعواتها، فقد تستجاب، وللفائدة انظر الفتاوى التالية أرقامها: 1695، 63991، 106851، 6807، 115139.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني