الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قضاء صلوات العيد الفائتة وكيفيته

السؤال

من عليه صلوات ماضية (كثيرة عدة سنوات) يقضى الآن منها. هل يجب عليه أيضا قضاء صلاة الأعياد التى لم يصليها فى السنوات السابقة أم أنها سنة لا يعاقب عليها؟ وهل تلزم التكبيرات السبعة والخمسة أم يصح لو صلاهم كسائر الصلاة بدون السبعة والخمسة أي لو صلاهم مثل الفجر؟ هو يقضي عملا بمذهب الشافعى بدون ترتيب مثلا يصلي خمسة ظهر وظهر وظهر وظهر وظهر ثم صبح ثم مغرب؟ هل سقط عنه ما قضى؟ وهو يفضل عدم الترتيب لأنه أيسر له؟ هل يجوز أن يكمل القضاء بهذه الطريقة وهو يسجل عنده العدد من كل نوع (مغرب.. صبح...) حتى يكمل المطلوب منه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد

فقد بينا في الفتوى رقم: 55961. مذاهب العلماء في قضاء النوافل ورجحنا مذهب الشافعي في أن النوافل المؤقتة ومنها العيد يستحب قضاؤها، وصلاة العيد سنة غير واجبة في قول الجمهور ومن ثم فلا يجب قضاؤها ولكن يستحب عند بعض العلماء كما ذكرنا.

قال في مغني المحتاج: (ولو فات النفل المؤقت) سنت الجماعة فيه كصلاة العيد أو لا كصلاة الضحى (ندب قضاؤه في الأظهر) لحديث الصحيحين من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لأنه صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر لما نام في الوادي عن صلاة الصبح إلى أن طلعت الشمس. رواه أبو داود بإسناد صحيح. وفي مسلم نحوه وقضى ركعتي سنة الظهر المتأخرة بعد العصر. رواه الشيخان. ولأنها صلاة مؤقتة فقضيت كالفرائض. انتهى.

ومن أراد قضاء صلاة العيد فإن شاء صلاها على صفتها من التكبيرات الزوائد وإن شاء ترك هذه التكبيرات فالأمر واسع ولكن فعل التكبيرات الزوائد أولى لأن الأصل أن القضاء يحكي الأداء ولثبوته عن أنس رضي الله عنه.

قال في المغني: من فاتته صلاة العيد فلا قضاء عليه فإن أحب قضاءها فهو مخير إن شاء صلاها أربعاً إما بسلام واحد وإما بسلامين روي هذا عن ابن مسعود وهو قول الثوري، وإن شاء أن يصلي ركعتين كصلاة التطوع وهذا قول الأوزاعي، وإن شاء صلاها على صفة صلاة العيد بتكبير نقل ذلك عن أحمد إسماعيل بن سعد واختاره الجوزجاني وهذا قول النخعي ومالك والشافعي وأبي ثور وابن المنذر لما روي عن أنس أنه كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما. ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات وهو مخير إن شاء صلاها وحده وإن شاء في جماعة. انتهى بتصرف.

وننبه ههنا إلى أن مذهب الحنابلة أن النوافل المؤقتة إذا فاتت فإن كانت كثيرة لم تقض لأنه لم ينقل.

جاء في منار السبيل: ولا يصلي سننها لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، فإن كانت صلاة واحدة فلا بأس بقضاء سنتها لأنه صلى لما فاتته صلاة الفجر صلى سنتها قبلها. رواه أحمد ومسلم. انتهى.

وأما عن الترتيب بين الفوائت فلا حرج عليك فيما نرى في العمل بقول الشافعي من عدم اشتراط الترتيب في قضاء الفوائت إذا كان هذا الأرفق بك والأعون لك على القضاء، والقول بعدم اشتراط الترتيب له نصيب من النظر وإن كانت مراعاة الترتيب أولى خروجاً من الخلاف.

جاء في حاشية الروض لابن قاسم: وعنه: أي أحمد رحمه الله لا يجب وفاقاً، وقال في المبهج: مستحب واختاره في الفائق، قال ابن رجب، وجزم به بعض الأصحاب ومال إلى ذلك، وقال: إيجاب ترتيب قضاء الصلوات سنين عديدة ببقاء صلاة واحدة في الذمة لا يكاد يقوم عليه دليل قوي. انتهى.

وقال النووي: المعتمد في المسألة أنها ديون عليه، فلا يجب ترتيبها إلا بدليل ظاهر، وليس لهم دليل ظاهر، ولأن من صلاهن بغير ترتيب فقد فعل الصلاة التي أمر بها، فلا يلزمه وصف زائد بغير دليل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني