الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل متعلقة بالحيض والطهر منه

السؤال

في رمضان الآن جاءتني الدورة الشهرية أول يوم، وعندما كان اليوم الثامن اغتسلت وبدأت أصلي وأصوم، ولكن دون أن أرى طهارة، وذلك لأن دورتي عادة 8 أيام غالبا دورتي من 8 إلى 9 أيام . ومرة فقط جلست 10 أيام قبل هذه المرة. المهم بعد أن ظهر لون بني بعد غسلي استمررت بالصلاة والصيام ثلاثة أيام حتى ظهرت الطهارة، ثم اغتسلت وأكملت الصيام والصلاة. هنا أنا ما فعلته أني كأني من زيادة الحرص صمت وصليت خوفا أن تكون هذه ليست دورة استحاضة أو شيء كهذا. فهل أثمت بفعلي علما أنا لدي النية أن أقضي هذه الأيام أي أن قضائي 11 يوما.
سؤال آخر: الطهارة لم أعلم أنه يجب أن تكون بيضاء حيث كنت في السابق وغالبا عندما تكون صفراء أو بيج أغتسل وأصلي حيث أني أذكر أني قرأت أنه ((مستحب)) أن تنتظر البياض ولم أعلم أنه واجب. وعندما رحت أبحث عن سؤالي الأول قرأت حديث عائشة الذي بمعناه انتظري حتى يظهر البياض.
فماذا علي في كلا السؤالين؟
نقطة أخيرة: رمضان الماضي عندما استيقظت في اليوم السابع من الدورة شربت عصيرا قبل أذان المغرب لم أتأكد من طهري حيث أني جازمة أني دائما لا تنتهي الدورة إلا في اليوم الثامن، وعندما كان المغرب وذهبت لأتأكد وإذا بالطهارة صفراء، وفي ذاك الوقت كنت أظن أني طهرت (( لم أعلم أنه يجب أن تكون بيضاء )) وحزنت كثيرا ظنا مني أني طاهرة ولم أصم، وفي أيام القضاء صمت 7 أيام وقبل أن أصوم الثامن ( الذي هو اليوم الذي ظننت أني طهرت فيه وأفطرت )) قمت بالتأكد من الأيام التي صمتها وإذا بها 8 أي أني صمت الثامن دون أن أجعله نية لليوم الثامن؟
إذا كانت الطهارة تكون باللون الأصفر فهل أعيد ذاك اليوم ؟
أعلم أني أطلت معكم لكن أرجوكم أريد جوابا وافيا لأنتهي من هذي المسألة إلى الأبد إن شاء الله، فأنا الآن شابة بالغة وما زلت أحيانا لا أعرف ما إذا كنت طهرت أم لا؟
فكيف يكون طهر المرأة؟ وهل فعلت خطأ أو إثما؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الجهل بأحكام الشرع هو الذي يوقع في مثل هذا التخبط، وينشأ عنه هذه الأخطاء، ومن ثم فنحن نهيب بالمسلمين جميعا أن يجتهدوا في تعلم أحكام الشرع، وأن يسألوا أهل العلم الثقات عما أشكل عليهم، وعلى النساء خصوصا أن يجتهدن في تعلم أحكام الحيض، فإنه كثيرا ما يحدث الغلط بسبب الجهل بها.

وأما عن سؤالك فلا بد أولا من أن تعرفي بعض الأحكام المهمة التي بسبب جهلك بها نشأت عندك هذه الإشكالات، فمنها أن المرأة تعرف الطهر من الحيض بإحدى علامتين فأيتهما وجدت أولا فقد طهرت المرأة، إما الجفوف وهو أن تحتشي بقطنة أو نحوها فتخرج نقية، أو القصة البيضاء. وانظري للفائدة في هذه المسألة الفتوى رقم: 69363.

ومن هذه الأحكام حكم الصفرة والكدرة، فإن العلماء قد اختلفوا في حكمها اختلافا كبيرا، والراجح المفتى به عندنا هو مذهب الحنابلة وهو: أن الصفرة والكدرة حيض في مدة العادة، وليست حيضا في غيرها، فما رأيته من صفرة وكدرة في مدة عادتك فهو حيض، وما رأيته من صفرة وكدرة خارجا عن مدة عادتك فهو استحاضة، وانظري للتفصيل الفتوى رقم: 117502.

ومن هذه الأحكام التي لا بد من بيانها لك أن الدم إذا تجاوز مدة العادة فهو حيض ما لم يتجاوز خمسة عشر يوما التي هي أكثر مدة الحيض على ما هو المعتمد عندنا، وانظري الفتوى رقم: 118286.

وبناءا على ما تقدم تعلمين أن اغتسالك قبل انقطاع دم الحيض كان خطأ منك، وإن كان الدم قد تجاوز عادتك، وأنه يجب عليك قضاء الأيام التي صمتها مع وجود الحيض؛ لأن صوم الحائض غير صحيح باتفاق العلماء، وأما الكدرة التي رأيتها بعد اغتسالك فالظاهر أنها في غير مدة العادة فلا تكون حيضا على قول الحنابلة، ومن ثم فلا يلزمك قضاء الأيام التي صمتها مع وجود الكدرة وبعد انقطاع دم الحيض لأن صومك وقع صحيحا وإن لم تغتسلي، ولكن يجب عليك إعادة الصلوات التي صليتها بعد رؤية الكدرة وقبل الاغتسال الثاني لأنها وقعت غير صحيحة على ما مر.

وأما سؤالك الثاني والمتعلق بالوقت الذي كنت تغتسلين فيه، وأنك كنت لا تنتظرين الطهر، بل كنت تغتسلين مع وجود الصفرة، فاعلمي أن هذه الصفرة إن كانت في مدة العادة فهي حيض ومن ثم فغسلك غير صحيح ويجب عليك إعادة جميع الصلوات التي صليتها بعد حصول الطهر الحقيقي لأنك صليتها بغير طهارة شرعية، والله تعالى لا يقبل صلاة بغير طهور، وعند بعض العلماء أنه لا يلزمك القضاء لجهلك بالحكم وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظري الفتوى رقم: 109981.

وأما إن كانت هذه الصفرة في غير مدة العادة فليست بحيض وغسلك والحال هذه صحيح، ولا يلزمك شيء على ما أوضحناه مفصلا في الفتوى المحال عليها.

وأما عن سؤالك الثالث؛ فإن فطرك هذا اليوم كان هو الواجب عليك لأنك رأيت الصفرة في مدة العادة فيكون لها حكم الحيض، ومن ثم فقد وجب عليك صيام ثمانية أيام، فإذا كنت قد قضيت الأيام الثمانية وبيت نية القضاء لكل يوم من الليل فقد برئت ذمتك ولا شيء عليك، وأما إن كنت صمت من غير تبييت نية القضاء فلا بد من إعادة صوم هذا اليوم لأن تبييت النية شرط في صحة صوم الفريضة، هذا ونرجو ألا يكون عليك إثم في شيء مما ذكرت لجهلك بأحكام الشرع. ولكننا نوصيك بالاجتهاد في طلب العلم وتحري ما يجب عليك فعله لتعبدي الله على بصيرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني