الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخالفة المذهب الفقهي لأهل البلد.. رؤية شرعية

السؤال

أريد أن اسأل عن الاختلاف الوارد لدى الأئمة الأربعة. فهل يجوز لنا أن نأخذ الحكم مرة عن إمام ومرة عن إمام آخر أم نتبع إماما واحداً فقط، فنحن مثلا في تونس يقولون إننا مالكيون فكيف حصل هذا الانتساب؟ وهل لنا أن نتبع في بعض الأمور إماما آخر أم هذا يعد اختلافا عن الجماعة وإثارة الفوضى في البلاد للوقوع في الفتن؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على المسلم هو طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، والعلماء العاملين بالكتاب والسنة، فإذا نزلت به نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب عليه التزام مذهب معين، كما سبق تفصيله في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5812، 65669، 71362.

والناس من حيث الجملة على قسمين: قسم له القدرة على معرفة الدليل واستخراجه فهذا عليه أن يتبع الدليل ولا يتقيد بما يخالفه، وقسم ليست له أهلية لمعرفة الأدلة الشرعية، فهذا لا حرج عليه في اتباع مذهب معين، كما يجوز له أن لا يقلد مذهباً معيناً وما أشكل عليه سأل عنه من يثق في علمه وورعه، كما سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 32653، 54510، 17519.

وأما التلفيق بين المذاهب لمن يجوز له التقليد فإن منه الجائز والممنوع، وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتويين: 37716، 107754. وما أحيل عليه فيهما. وراجع لتمام الفائدة في ذلك الفتوى رقم: 4145.

وأما نسبة أهل تونس وغيرها من بلاد المغرب للمذهب المالكي فقديمة جداً، فقد وصل إليهم في القرن الثاني الهجري، وكان من أجل من نشره الإمام يحيى بن يحيى الليثي الذي سماه الإمام مالك عاقل الأندلس، وكان الأمير عرض القضاء عليه فامتنع، وكان الأمير لا يولي أحداً القضاء بمدائن الأندلس إلا من يشير به يحيى بن يحيى فكثر لذلك تلامذة يحيى بن يحيى وأقبلوا على فقه مالك، وقد شارك في نشره بالمغرب أئمة آخرون من الذين وصلوا إلى المشرق وأخذوا عن أصحاب مالك كبقي بن مخلد، وأسد بن الفرات، وسحنون، وأصبغ، كما سبق ذكر ذلك في الفتوى رقم: 96700.

ومن يقيم في هذه البلاد ويتبع غير المذهب المالكي لا يعد بذلك خارجاً على الجماعة، فإن الجماعة الواجب الاعتصام بها هي جماعة أهل السنة، والمراد أن يلتزم المسلم أصول أهل السنة والجماعة في العقيدة وأصول الدين، وأما الفقه والفروع فيسوغ للمسلم الذي لم يبلغ درجة الاجتهاد أن يقلد أحد مذاهب أهل السنة والجماعة المتبوعة، وإن كان الأولى أن ينشغل المرء أولاً بدراسة المذهب الذي يعمل به في قطره ويقضى به في محاكمه الشرعية حتى لا يشذ عن قومه، ولكن عليه أن لا يتعصب للمذهب الذي يقلده، ويظن أن غيره من المذاهب باطل، وراجعي في ذلك للأهمية الفتويين: 56633، 62387. وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتويين : 32075، 45283.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني