الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب المجسمة والفرق بينه وبين المشبهة

السؤال

ما هو مذهب المجسمة؟ وما الفرق بينه وبين مذهب المشبهة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمجسمة فرق شتى متفاوتة، وقد عد منها أبو الحسن الأشعري في ـ مقالات الإسلاميين ـ ست عشرة طائفة فقال: اختلفت المجسمة فيما بينهم في التجسيم، وهل للبارئ تعالى قدر من الأقدار، وفي مقداره، على ست عشرة مقالة؟. انتهى.

ثم ذكرها مفصلة.

وقال الشيخ علي الخضير في ـ شرح لمعة الاعتقاد: مذهب المجسمة وهم: المقاتلية أصحاب مقاتل بن سليمان فمذهبهم: أن اللَّه جسم وجثة على صورة الإنسان له جوارح وأعضاء، وهو ـ مع هذا ـ لا يشبه غيره، ذكر ذلك عنهم الأشعري في ـ مقالات الإسلاميين.

والفرق بين المشبهة والمجسمة فرق واحد، وهو: أن المجسمة يثبتون أن لله جسما وينفون عنه أنه يشبه غيره، والمشبهة يثبتون أن اللَّه له جسم ويشبهونه بغيره. انتهى.

وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 1124020، أن المجسم هو: من يصور الله بجسم وصورة، مثل الهشامية الذين يقولون: إن الله سبعة أشبار بشبر نفسه ـ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ـ والمشبه من شبه صفات الله بصفات الخلق، والتشبيه يؤدي للتجسيم، وبعض المبتدعة ينسبون التشبيه والتجسيم لأهل السنة، ولكن أهل السنة براء من ذلك، بل يكفرون من يقول به ويثبتون لله تعالى ما أثبته لنفسه من الصفات من دون تمثيل، عملا بقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ {الشورى:11}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ـ درء التعارض: الكلام في التمثيل والتشبيه ونفيه عن الله مقام، والكلام في التجسيم ونفيه مقام آخر، فإن الأول دل على نفيه الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة، واستفاض عنهم الإنكار على المشبهة الذين يقولون يد كيدي وبصر كبصري وقدم كقدمي، وأما الكلام في الجسم والجوهر ونفيهما أو إثباتهما فبدعة ليس لها أصل في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا تكلم أحد من السلف والأئمة بذلك ـ لا نفيا ولا إثباتا ـ والنزاع بين المتنازعين في ذلك بعضه لفظي وبعضه معنوي، أخطأ هؤلاء من وجه وهؤلاء من وجه، فإن كان النزاع مع من يقول: هو جسم أو جوهر، إذا قال: لا كالأجسام ولا كالجواهر، إنما هو اللفظ، فمن قال: هو كالأجسام والجواهر، يكون الكلام معه بحسب ما يفسره من المعنى، فإن فسر ذلك بالتشبيه الممتنع على الله تعالى كان قوله مردودا، وذلك بأن يتضمن قوله إثبات شيء من خصائص المخلوقين لله، فكل قول تضمن هذا فهو باطل، وإن فسر قوله: جسم لا كالأجسام، بإثبات معنى آخر ـ مع تنزيه الرب عن خصائص المخلوقين ـ كان الكلام معه في ثبوت ذلك المعنى وانتفائه. انتهى.

وقد نقل هذا الكلام مطولا الدكتور محمد بن خليفة التميمي في كتاب ـ مواقف الطوائف من توحيد الأسماء والصفات ـ ثم قال: ومن كلام شيخ الإسلام هذا يفهم الفرق بين اللفظين، فلفظ التمثيل والتشبيه نفيه ثابت في الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة، أما لفظ التجسيم فإنه من الألفاظ المحدثة التي لا بد من الاستفصال عن مراد صاحبها قبل الحكم عليها، كما بين شيخ الإسلام هنا، ويترتب على ذلك أن بعض الفرق التي رميت بالتجسيم قد لا يكون مقصودها التشبيه والتمثيل المذموم، ولذلك لا يصح رميها بالتمثيل والتشبيه، فهي لا تذم من هذا الوجه، وإن كان الذم قد يلحقها من وجه آخر كتوسعها في استعمال هذه الألفاظ المحدثة. انتهى.. وراجع لزيادة الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 105571، 19144، 122213، 42748.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني