الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي والداها وأختاها فما القربات التي يمكنها إهداؤها لهم

السؤال

توفي أبي وأمي واثنتان من أخواتي في حادث سيارة مؤلم وهم على سفر.
أريد أن تفيدوني كيف أحسن لهم وهل يجوز لي أن أتصدق عنهم جميعا أم فقط عن الوالدين؟
كذلك ما هي الأعمال المستحبة الواجب علي فعلها علما بأن والدي بعد وفاته علمت أنه كان على علاقة غير شرعية مع جارتنا وأحسست بالحزن الشديد وتغيرت نظرتي إليه. وأحسست أنه ظلم أمي كثيرا بما كان يفعله بدون علمها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله سبحانه أن يرحم والديك وأختيك وأن يتجاوز عنهم ويسكنهم فسيح جناته وأن يلهمكم الصبر على هذا المصاب.

واعلمي أيتها السائلة أن الدعاء لهؤلاء بالرحمة والمغفرة ودخول الجنات من أفضل ما يقدم لهم, وقد سبق أن بينا انتفاع الموتى بذلك في الفتوى رقم: 121610.

ويجوز لك أيضا أن تتصدقي عنهم وسينتفعون بذلك إن شاء الله سواء في ذلك الوالدان والأختان وقد بينا هذا في الفتاوى التالية: 124982, 32151, 104298.

ثم اعلمي أن إهداء ثواب الأعمال الصالحة من صدقة ونحوها للميت ليس على سبيل الوجوب بل على الاستحباب والندب ويستوي في ذلك الوالدان وغيرهما, أما الدعاء للوالدين بالرحمة فقد نص بعض أهل العلم على أنه من حقوق الوالدين المؤكدة على ولدهما قبل موتهما وبعده وهما أحوج ما يكونان إليه بعد موتهما لقول الله جل وعلا: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا. {الإسراء : 24}. وذهب بعض العلماء إلى وجوب ذلك.

جاء في تفسير الألوسي: والظاهر أن الأمر للوجوب فيجب على الولد أن يدعو لوالديه بالرحمة، ومقتضى عدم إفادة الأمر التكرار أنه يكفي في الامتثال مرة واحدة ، وقد سئل سفيان كم يدعو الإنسان لوالديه في اليوم مرة أو في الشهر أو في السنة؟ فقال : نرجو أن يجزيه إذا دعا لهما في آخر التشهدات كما أن الله تعالى قال: ياأيها الذين ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ. {الأحزاب: 56}. فكانوا يرون التشهد يكفي في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وكما قال سبحانه : { واذكروا الله فِى أَيَّامٍ معدودات }. [البقرة : 203] ثم يكبرون في أدبار الصلاة. انتهى.

أما ما تذكرين من علمك بعلاقة لأبيك بامرأة أجنبية فهذا مما يجب عليك الإعراض عنه تماما, فلا تتحدثي به مع أحد بل ولا تحدثي نفسك به وعليك أن تحسني الظن بأبيك فقد يكون هذا من افتراء الناس عليه والأصل في المسلم السلامة والصيانة فلا يجوز إساءة الظن به بمجرد كلام الناس وشائعاتهم, حتى وإن تحققت من ذلك فإن الواجب عليك أن تستري على والدك وأن تذكري محاسنه وتعرضي عن مساويه, ولا يصدنك هذا عن كثرة الترحم عليه والاستغفار له. واعلمي أن رحمة الله واسعة وأنه سبحانه يغفر الذنوب جميعا ما لم يأته العبد بالشرك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني