الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من قال لامرأته: أنت طالق أنت طالق

السؤال

أنا متزوج من حوالي 5 سنوات وعندي طفلان وأعمل في دولة أوربية ومتزوج بامرأة كاذبة جدا ـ فهي دائما تكذب علي ـ وقد سئمت من ذلك واتبعت معها جميع الأساليب إلى أن وصلنا إلى حد أنها إذا كذبت علي ثانية فسوف أطلقها، ومن حوالي: ثلاثة أيام كان زفاف أخيها، ولكنها لم تخبرني عن ذلك مع الإضافة إلى أنها ذهبت بدون إخباري ـ وهى دائما تفعل نفس الشيء إذا أرادت الخروج تخرج ومن ثم تخبرني وقد حذرتها أكثر من مرة من هذا وبأنها يجب أن تخبرني أولا قبل الخروج ففي بعض الأحيان كانت تخبرني وعندما أرفض خروجها لا تبالي بكلامي وتخرج بما أنني لا أعيش بالقرب منها ومعظم خروجها من أجل الذهاب إلى أهلها ـ فعندما ذهبت إلى زفاف أخيها بدون إخباري وأنا لا أعلم أصلا أن زفاف أخيها في هذا اليوم اتصلت بها مصادفة في اليوم التالي فوجدتها نائمة فعندما سألتها لماذا أنت نائمة حتى الآن؟ أجابت: لأنني رجعت إلى المنزل في وقت متأخر بعد زفاف أخي ـ وكأنني أعرف أن زفاف أخيها كان بالأمس ـ وعندما سألتها: لماذا لم تخبريني بزفاف أخيك؟ ولماذا لم تخبريني بخروجك؟ أجابت: والله أنا أخبرتك ولكنك نسيت ـ وهى دائما تفعل نفس الشيء معي وهى لم تخبرني ـ فطلبت منها أن لا تحلف على الكذب فاستمرت في حلفها الكاذب بأنها أخبرتني عن هذا الشيء ـ وهى بالطبع كاذبة ـ فأثارت الدم في عروقي إلى حد أنني شعرت أن رأسي يخرج النيران، مع العلم بأنني مريض بمرض ضغط الدم العالي ومن السهل جدا إثارتي ـ وهى تعرف ذلك ـ فقلت لها: إن حلفت كذبا مرة أخرى فسوف أطلقك فقالت والله أنا أخبرتك واستمرت تحلف على الكذب فلم أجد أي شيء أمامي إلا أن أقول لها أنت طالق أنت طالق وهذا كان رد فعل لإثارتي، ولكي أريها أن الكذب ليس من الشيء الجيد، ولأنني قد سئمت من هذا الكذب، مع العلم أنه لم يكن في نيتي الطلاق ـ فعلا ـ ولكنني كنت مستثارا وكنت أريدها أن تأخذ درسا، لكي لا تكذب مرة أخرى، فهل وقع الطلاق أم لا؟.
أفيدوني أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أنّ الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، إلّا أن يصل إلى حد يفقد الإدراك كالجنون، كما بينّاه في الفتوى رقم: 12287 ، والظاهر من سؤالك أنك كنت مدركاً لما تقول، وعلى ذلك فقولك لزوجتك: أنت طالق أنت طالق ـ إن كنت قصدت به طلقتين فقد وقعتا، وإن كنت قصدت طلقة واحدة وقصدت بالثانية التأكيد فقد وقعت طلقة واحدة، قال ابن قدامة: وإذا قال لمدخول بها: أنت طالق أنت طالق لزمه تطليقتان؛ إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن قد وقعت بها الأولى فتلزمه واحدة. المغني.

فإن كنت لم تطلق زوجتك قبل ذلك، فإنه يمكنك مراجعتها، وأمّا إذا كنت قد أكملت بهذه المرة ثلاث طلقات على زوجتك، فإنّها تحرم عليك ولا تحل لك حتى تتزوج بغيرك زواجاً صحيحاً ثم يطلقها، وتنقضي عدتها.

وننبّهك إلى أنّه لا ينبغي لك استعمال ألفاظ الطلاق للتهديد، وإنّما عليك أن تتعامل مع زوجتك بالحكمة وتسلك معها وسائل الإصلاح المشروعة.

وإذا كانت زوجتك تكذب فعليك أن تبين لها تحريم الكذب وخطورته على الدين والخلق، لكن ننبّهك إلى وجوب إحسان الظنّ والحذر من الاتهام دون بينة، فإنّ الأصل في المسلم السلامة، والأصل أنّه إذا حلف بالله أن يصدّق، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: َقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلاً يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ: عِيسَى سَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَذَّبْتُ نَفْسِى. متفق عليه.

كما ننبّهك إلى أنّ الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا في حالات معينة وبضوابط مبينة في الفتوى رقم : 2007 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني