الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كره الوساوس والنفور منها علامة على صحة الإيمان

السؤال

أنا أصبت بوسواس قهري دمر العقيدة تماما، ولم يبق لي منها إلا الصلاة، وأنا لا أعرف ماذا أفعل، والقذف والسب الآن أصبح داخلي من نفسي، وكل ما أحس أني سأسب أظل أستغفر قبل السب وأيضا يحدث السب، وأصبحت تأتيني أفكار غريبة مثل لم لم تصبح أنت الله والعياذ بالله، وأستغفر الله، وكل ما أتمناه أني أرجع مثل ما كنت قلبي مليء بحب الله وحب الرسول، وأنا ذهبت لمشايخ كثيرة منهم من يقول لي ممسوس وأن لساني لا يتوقف عن الاستغفار، وكل ما اسم نبي يأتينى صورة أي واحد على أنه هو هذا الرسول وأنا أستغفر وأقول إني لم أر الرسل، وإن كل ما يخيل لي من بشر لا أؤمن بهم ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً. وما هو موقفي أنا من الإسلام الآن، وهل أذهب لطبيب نفسي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالوسوسة وحديث النفس شيء يهجم على القلب بغير اختيار الإنسان، ومن فضل الله تعالى ورحمته أنه تجاوز عن ذلك ما لم يعمل به العبد أو يتكلم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست أو حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم. رواه البخاري ومسلم. قال النووي في الأذكار: الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه ولا طريق له إلى الانفكاك عنه.. وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطران من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه. انتهى.

وكره العبد وخوفه ونفوره من هذه الخواطر والوساوس -كما هو حال السائل الكريم- علامة على صحة الاعتقاد وقوة الإيمان، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك. انتهى.. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 7950، والفتوى رقم: 12300.

وقول السائل الكريم (وأيضا يحدث السب) إن كان يعني به أنه يتلفظ بذلك بلسانه فعلا، فإذا كان ذلك يحدث رغما عنه بسبب الوسواس القهري، فإنه غير مؤاخذ به ولا شيء عليه فيه وهو في حكم المكره.. وننصح السائل أن يراجع بعض الأطباء النفسانيين الثقات، وكذلك لا بأس أن يقرأ على نفسه أو يقرأ عليه بعض الصالحين ويرقيه رقية شرعية، كما سبق بيانه ذلك في الفتوى رقم: 117168، والفتوى رقم: 55678.

وقد تقدم لنا التنبيه على سبل التخلص من الوسوسة وعلاجها في عدة فتاوى، منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 3086، 60628، 2081، 78372.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني