الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يستجاب الدعاء على الآخرين حال الضجر والغضب

السؤال

إنني منذ فترة دعوت على أحد الأشخاص العزيزين علي دعوة سيئة، مثل دعوة الموت وكنت حينها فعلا متضايقة من هذا الشخص، لكن عندما دعوت هذه الدعوة لم أكن أقصدها يعني عن عصبية، وأنا الآن نادمة وخائفة أن يستجاب لي ما الحل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان هذا الشخص قد ظلمك ظلمًا بينا يناسب الدعاء عليه بالموت فلا حرج عليك في ذلك؛ لأن الدعاء على الظالم مشروع بشروط وضوابط سبق بيانها في الفتوى: 115193، 22409، 107843 .

لكن إن كان ظلمه يسيرا فلا يجوز الدعاء عليه بما هو أعظم من ظلمه، وإلا كنت معتدية في دعائك آثمة به، وأولى إذا لم يكن منه ظلم أصلا، وكان الأمر مجرد خلاف عادي - فإن كثيرا من الناس يعدون من خالفهم في آرائهم من الظالمين - فالدعاء عليه حينئذ يكون محض الظلم والعدوان، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة. رواه مسلم.

وما دام هذا الدعاء قد صدر منك في حال ضيقك وضجرك ولم تكوني تقصدين منه حقيقة الدعاء، فنرجو ألا يصيبه من ذلك سوء إن شاء الله، حتى وإن كان ظالما؛ لأن الله سبحانه بفضله ورحمته لا يستجيب دعاء عباده إذا دعوا بذلك في فرط الضيق والغضب قال سبحانه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {يونس:11}

جاء في تفسير ابن كثير: يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب لهم - والحالة هذه - لطفا ورحمة، كما يستجيب لهم إذا دعوا لأنفسهم أو لأموالهم وأولادهم بالخير والبركة والنماء؛ ولهذا قال: { ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم } أي: لو استجاب لهم كل ما دعوه به في ذلك، لأهلكهم، ولكن لا ينبغي الإكثار من ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لا تدعوا على أموالكم،لا توافقوا من الله ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم. انتهى بتصرف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني