الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق ثلاث مرات كل مرة في مجلس مختلف

السؤال

العلماء الأفاضل: من شهرين تقريبا وتحديدا قبل شهر رمضان المبارك بيوم واحد حصل خلاف شديد بيني وبين زوجتي، فذهبت لبيت أهلها وبعد يومين ذهبت إلى أمها لأشرح لها السبب للعلم أمها متزوجة من غير والدها، وهي (زوجتي ) تعيش في بيت جدتها لأمها فقالت لي الأم سوف أرجعها لك اليوم حتى ولو بالإكراه، وفي اليوم الثاني أتت الأم إلى بيتي وقالت إن زوجتي رفضت الرجوع نهائيا، فقلت لها إذاً ابنتك طالق طالق طالق، وبعد يوم بينما أجلس مع أمي وأخي نتحدث عن الموضوع وإذا بأخي يتكلم معي بنوع من الاستفزاز فقلت له بأن زوجتي طالق طالق طالق، وكان ذلك بغضب وانفعال، وهذا الصدق وبعد يوم أيضا أتت جدتها (لأبيها )فقالت أنا سأرجعها غصبا عن بيت جدها( لأمها)وبالفعل ذهبت أنا وجدتها إلى بيت خالها، وقالت لها البسي وتعالي مع زوجك فوافقت، وإذا بخالها يكذبني ببعض الأقوال ووالله لم أكذب بأي شيء بحياتي أبدا ومعروف عني الصدق. على كل حال من كلامه لي شعرت بموقف عصيب علي فوقفت وقلت له دعها عندك، وقام بطردنا من منزله، وبينما نحن أي أنا وجدتها ننزل السلم وركبنا السيارة فقلت لجدتها إن ابنت ابنك طالق طالق طالق، وبعد يومين اتصلت جدتها وقالت لي إن زوجتك عندي فذهبت إليها، وإذا بها تقول لها هيا قومي واذهبي مع زوجك وبالفعل أتت معي فقمت بالاتصال بأحد المشايخ الكرام، وأتى إلى بيتي وقال لي عن ما حصل وقلت له بالتفصيل فقال وقع الطلاق مرتين ووجب عليك إعادتها إلى عصمتك بعقد نكاح جديد وتكون هي وكيلة نفسها وفعلا عقد العقد وأرجعها إلى عصمتي. والآن السؤال هل العقد هذا صحيح ولكم الشكر الجزيل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الحال كما ذكرتَ فقد أكثرت من إيقاع الطلاق وهذا من الاستهزاء بأحكام الله تعالى، وذلك مما قد ثبت النهي عنه والتحذير منه، قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {البقرة:231}.

قال ابن العربي في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق مائة. فقال: يكفيك منها ثلاث والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا. فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.

والحلف بالطلاق من أيمان الفساق كما تقدم في الفتوى رقم: 58585.

وبناء على سؤالك فقد تلفظتَّ بالطلاق ثلاث مرات، كل منها تنطق بقولك قاصدا زوجتك [طالق طالق طالق ] وتفصيل الحكم في ذلك على النحو التالي :

1ـ الطلاق الأول :إذا قصدت إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث أي بقولك طالق طالق طالق فقد وقع الطلاق ثلاثا. وحرمت عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل، ثم يطلقها بعد الدخول وجميع الطلاق الواقع بعد ذلك لغو لكونه لم يصادف محلا، وإن قصدتَّ التأكيد بمعنى إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعلتَ ما بعدها تأكيدا أو لم تقصد شيئا فقد لزمتك طلقة واحدة فقط قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق. وقال: أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل. وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً، وإن لم ينو شيئاً، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينها بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى

2ـ الطلاق الثاني: ولا يكون نافذا إذا سبقته ثلاث طلقات أو كان قد وقع بعد تمام عدة زوجتك من الطلاق الأول أو كنت قد أوقعته أثناء الغضب الشديد بحيث كنت لا تعي ما تقول لأنك حينئذ في حكم المجنون كما تقدم في الفتوى رقم: 35727. فإن كان أثناء العدة وسبقه أقل من ثلاث وكنت تعي ما تقول فينظر في قصدك فإن قصدت واحدة فقط أو لم تقصد شيئا لزمتك واحدة إضافة إلى ما سبقها: وإن قصدت ثلاثا فقد حرمت عليك زوجتك حتى تنكح زوجا غيرك.

3ـ الطلاق الثالث: وهو مثل الأول في كونه لا ينفذ إذا سبقته ثلاث طلقات أو كان بعد تمام عدة الزوجة من الطلاق الذي قبله، فإن سبقته طلقتان فقد وقع الطلاق ثلاثا سواء قصدت التأكيد أو التأسيس، وإن سبقته واحدة بأن كانت الثانية غير معتبرة لكون الغضب قد بلغ معك منها مبلغا لم تعد تعي معه ما تقول، -وهو مجرد افتراض وظاهر السؤال ينافيه- ففي تلك الحالة تكون قد لزمتك اثنتان إن قصدت التأكيد، وتحرم عليك إن قصدت التأسيس.

وفتوى الشيخ المذكور لا تصح بحال اللهم إلا في حال ما إذا قصدتَّ التأكيد في كل من الطلاق الأول والثالث وكان الطلاق الثاني غير لازم بسبب الغضب الشديد.

وتجديد العقد يكون صحيحا في حال وقوع طلقة أو اثنتين مع انقضاء العدة، لكن لا يصح تجديده عند الجمهور إلا بحضور ولي الزوجة أو من ينوب عنه خلافا للإمام أبي حنيفة ولعل الشيخ المذكور كان مقلدا لأبي حنيفة في فتواه. وراجع الفتوى رقم: 47816.

وننصحك بالرجوع للمحاكم الشرعية في بلدك للنظر في تفاصيل المسألة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني