الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وفاة الرضيع بسبب نقص حليب الأم وجهلها بإعداد الحليب الصناعي

السؤال

تقول والدتي إنها عندما تزوجت كانت صغيرة في السن ولم تكن لديها الخبرة الكافية في تربية الأطفال، ولم يكن عندها من يساعدها وأنها أنجبت طفلا وأنها لم تكن تعرف طريقة إعداد الحليب الصناعي، ولم يكن الحليب في ثديها يكفي احتياج الطفل كما أنها كانت قروية وليست متعلمة، وكانت حالة الطفل تزداد سوءا في كل يوم وكانت تخبر والدي بذلك ويقول لا تخافي ستتحسن حالته حتى توفاه الله. فهل عليها إثم بذلك أرجو الإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر من السؤال أنه لا إثم على والدتك إن شاء الله؛ لأن شراء اللبن الصناعي أو استئجار مرضعة عند الحاجة إليها، هو مسؤولية الأب لا الأم، شأن ذلك شأن سائر نفقات الطفل.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُجُوبِ إِنْفَاقِ الأْبِ عَلَى وَلَدِهِ الْمُبَاشِرِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى...

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْءِ نَفَقَةَ أَوْلاَدِهِ الأْطْفَال الَّذِينَ لاَ مَال لَهُمْ. انتهى

فإذا كان لبن الأم لا يكفي الرضيع فيجب استئجار مرضعة له، أو توفير ما يقوم مقام ذلك من اللبن الصناعي، وحينئذ يكون أجر المرضعة أو ثمن اللبن على الأب، كما تقدم.

وبما أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما هو مقرر شرعا، فإن تعين إرضاع الطفل باللبن الصناعي أو باستئجار مرضعة أوباستئجار من تعرف طريقة إعداد الحليب، كان ذلك على الأب.

وبما أن أمك لا تستطيع غير ما قدمت لولدها وقد أخبرت والدك، فهي غير مفرطة ولا مقصرة، وقد برئت ذمتها بذلك.

وقد يكون لوفاة الطفل أسباب أخرى غير ذلك، لكن إن ثبت يقينا أن سبب وفاة الطفل هو حاجته للبن، وأن والدك قد قصر في توفيره مع قدرته على ذلك، فحينئذ يكون ضامنا ويجب عليه كفارة قتل الخطأ، وهي عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين. وكذلك يجب عليه دفع دية قتل الخطأ إلى غيره من ورثة الطفل، وتتحملها معه العاقلة، ولا يرث منها شيئا. فقد عد بعض أهل العلم إمساك الزائد من الطعام أو الشراب عن المضطر إلى أن يموت من القتل الخطأ الموجب للدية والكفارة.

قال خليل بن إسحاق المالكي في مختصره عاطفا على ما قدمه من أمور توجب الضمان: وفضل طعام أو شراب لمضطر.

قال شارحه الخرشي: أي وكذلك الضمان في هدة الصورة وهي ما إذا كان لشخص مكلف فضلة طعام أو شراب فيمنعها ممن اضطر إليها حتى هلك جوعا أو عطشا فإنه يضمن...اهـ.

ومع كل ما تقدم فإنه لا يمكن تضمين الأب في المسألة المعروضة لا ستحالة معرفة سبب الوفاة، والأصل براءة ذمته ولذا ينبغي للوالدة أن تنصرف عن التفكير في هذا الأمر.

وانظر الفتويين: 14696، 6629.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني