الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من دفع رشوة لدفع الظلم عنه

السؤال

كنت ذاهبا أنا وخالي بالسيارة وقرب المكان الذي كنت سأوقف عنده السيارة خلعت حزام الأمان، لكن رآني أمين شرطة وأوقفني وطلب مني أن أوقف السيارة وطلب مني غرامة فورية، لكنني قلت له إنني كنت رابطا حزام الأمان، لكنني خلعته، لأنني على قرب من المكان الذي كنت أنتظر فيه، فوجدت خالي يدفع له عشرين جنيها رشوة وأخذها منه، لكنني أشعر بالذنب بالرغم من أنني لم أدفع الرشوة، إلا أنني لم آخذ أي موقف تجاه خالي حتى أوقفه عن هذا، فهل علي ذنب فيما فعله خالي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في حرمة الرشوة وأنها جالبة للعنة، ولكن هذا فيما يتوصل به المرء إلى باطل أو إلى ما ليس حقاً له أو حقاً له كان يمكنه الوصول إليه بغيرها، وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه الذي لا يستطيع أن يتوصل إليه إلا بها، أو يدفع بها ظلم ظالم، فهذه ليست محرمة، وإثمها على آخذها، كما سبق بيان ذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 43624، 14645، 18038، 3697.

وبناء على هذا، يكون حكم ما فعله خال السائل الكريم، فإن كانت قوانين السير لا تلزم من في مثل حال السائل بغرامة فورية وأراد أمين الشرطة فرضها عليه تعسفاً وظلماً، وكان خالك يعلم من أحوال بلدكم أنه لا سبيل إلى رده عن ظلمه إلا برشوة، فلا حرج عليه في دفعها، بخلاف ما إذا كان يمكنه رفع هذا الظلم بطريقة أخرى لا محذور فيها، أو كانت قوانين السير تلزم من في مثل حال السائل بدفع الغرامة، فلا يجوز عندئذ دفع الرشوة للتهرب من بذلها.

أما من ناحية السائل نفسه، فإن كان يعتقد عند دفع خاله لهذا المال حرمة ذلك وأن هذا منكر يغضب الله تعالى ـ كما هو ظاهر السؤال ـ وسكت عن ذلك مع قدرته على الإنكار بيده أو بلسانه، فقد وقع في المحذور، ويجب عليه أن يستغفر الله تعالى وأن يتوب إليه، لأن الإنكار بالقلب لا يجزئ إلا عند العجز باليد واللسان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.

وعلى أية حال، فقد عرف السائل حكم ما فعله خاله، فإن كان ما فعله حراماً فلينصح له ويعظه لكي لا يعود إلى ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني