الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لماذا الاحتلام يوجب الغسل، وتذكر الجماع في حال اليقظة لا يوجب الغسل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه: نريد التنيبه على أن أحكام الشرع إنما شرعت لحكم بالغة، ولكن وجه الحكم قد لا يكون ظاهرا في بعض الأحوال، وبخصوص الموضوع المسؤول عنه: فإن الفرق بين الأمرين واضح، فالاحتلام يوجب الغسل إذا حدث خروج المني الذي هو موجب من موجبات الغسل بأمر الشارع الحكيم، وهذا الغسل فيه كثير من الحكم والفوائد نبه عليها ابن القيم فى إعلام الموقعين حيث قال: فهذا من أعظم محاسن الشريعة وما اشتملت عليه من الرحمة والحكمة والمصلحة، فإن المني يخرج من جميع البدن، ولهذا سماه الله سبحانه وتعالى سلالة، لأنه يسيل من جميع البدن، وأما البول فإنما هو فضلة الطعام والشراب المستحيلة في المعدة والمثانة فتأثر البدن بخروج المني أعظم من تأثره بخروج البول، وأيضا فإن الاغتسال من خروج المني من أنفع شيء للبدن والقلب والروح، بل جميع الأرواح القائمة بالبدن، فإنها تقوى بالاغتسال، والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني وهذا أمر يعرف بالحس، وأيضا فإن الجنابة توجب ثقلا وكسلا. والغسل يحدث له نشاطا وخفة، ولهذا قال أبو ذر لما اغتسل من الجنابة: كأنما ألقيت عني حملا.

وقد صرح أفاضل الأطباء بأن الاغتسال بعد الجماع يعيد إلى البدن قوته ويخلف عليه ما تحلل منه وإنه من أنفع شيء للبدن والروح وتركه مضر ويكفي شهادة العقل والفطرة بحسنه. انتهى.

أما التفكير في الجماع حال اليقظة ـ إذا لم يخرج معه مني ـ فلا يوجب الغسل، لعدم حصول موجب من موجبات الغسل.

واعلم أن الأصل في العبادات كونها تعبدية توقيفية ولا يخلو أمر من أوامر الشارع ولا خلق من خلقه من حكمة بالغة وراءه ـ علمها من علمها وجهلها من جهلها ـ وإذا لم تصل أفهامنا ولم تدرك عقولنا بجلاء الحكمة من أمر ما، فلا يعني ذلك أنه خالٍ من حكمة، ولعل الغسل من الجنابة من النوع الذي غلب فيه جانب التعبد جانب التعليل.

وراجع للفائدة الفتوى رقم: 8139.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني