الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقسيم الأضحية وحكم التصدق منها

السؤال

زوجي مسافر بالخارج ووالدته تقيم معي وقد قمنا بذبح أضحية وكان زوجي قد وكل أخاه بذبح الأضحية وعند تقسيم الأضحية قامت والدته بتقسيم نصيبنا من الأضحية بالتساوي بيني وبين أخيه وكذلك إعطاء أم زوجة أخي نفس المقدار وأعطت لأمي مثل ذلك، مع أن الأضحية تعد ملكي أنا وزوجي ولنا الحرية فيها وكنت أريد إعطاء أمي أكثر ردا لما يفعلونه معي واحتراما لهم، ولكنني أحرجت أن أتكلم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ورد الأمر بالتصدق من لحوم الأضاحي في قوله صلى الله عليه وسلم: فكلوا وادخروا وتصدقوا.

متفق عليه.

وقد ذهب إلى وجوب الصدقة من الأضحية فريق من أهل العلم.

فإذا كان فيمن أخذ من لحم الأضحية من هو فقير فقد خرجتم بذلك من خلاف من أوجب التصدق وهذا هو الأفضل ولا شك, وإن لم يكن فيهم فقير فالأولى أن يشتري صاحب الأضحية أقل ما يسمى لحما كأوقية ويتصدق به حتى يخرج من الخلاف المذكور, وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 44487, ونذكر هنا بعض كلام أهل العلم في هذا الخصوص:

قال الإمام النووي ـ وهو شافعي ـ في شرحه لصحيح مسلم عند قوله صلى الله عليه وسلم: فكلوا وادخروا وتصدقوا.

هذا تصريح بزوال النهي عن ادخارها فوق ثلاث، وفيه الأمر بالصدقة منها والأمر بالأكل، فأما الصدقة منها إذا كانت أضحية تطوع، فواجبة ـ على الصحيح ـ عند أصحابنا بما يقع عليه الاسم منها، ويستحب أن تكون بمعظمها قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث.

وقال النووي ـ أيضا ـ في كتابه المجموع شرح المهذب: وهل يشترط التصدق منها بشيء أم يجوز أكلها جميعا؟ فيه وجهان مشهوران ذكرهما المصنف بدليلهما، أحدهما: يجوز أكل الجميع، قاله ابن سريج وابن القاص والاصطخري وابن الوكيل، وحكاه ابن القاص عن نص الشافعي، قالوا: وإذا أكل الجميع ففائدة الأضحية حصول الثواب بإراقة الدم بنية القربة.

والقول الثاني: وهو قول جمهور أصحابنا المتقدمين وهو الأصح عند جماهير المصنفين، ومنهم المصنف في التنبيه ـ يجب التصدق بشيء يطلق عليه الاسم، لأن المقصود إرفاق المساكين، فعلى هذا إن أكل الجميع لزمه الضمان، وفي الضمان خلاف ـ المذهب ـ منه أن يضمن ما ينطلق عليه الاسم.

أما بخصوص ما حدث من توزيع أم زوجك لها بهذه الكيفية المذكورة فنرى أن تغضي الطرف عن هذا، فإن الأمر قد مضى وانتهى ولا سبيل إلى تداركه ويريد الشيطان أن يتخذ هذه الحادثة سبيلا للتحريش وإفساد ذات بينكم فكوني على حذر من كيد عدوك.

أما من الناحية الشرعية، فإن هذه الأضحية ملك لزوجك ـ على الحقيقة ـ فلا هي ملك لك ولا هي ملك لأمه وأنت قد ذكرت أنه قد وكّل أخاه في ذبحها، فإن كان قد وكّله أيضا في توزيعها فالأمر حينئذ للأخ، فإن كان زوجك قد أمره بتوزيعها في جهة معينة فعليه أن يلتزم ذلك، أو فوض إليه توزيعها ـ حسب اجتهاده ـ فالأمر إليه، وإن لم يكن هناك توكيل في التوزيع، فإن وجد عرف يقضي بتصرف الأم في توزيعها أو الزوجة عمل به وإلا فقد كان الواجب الرجوع إلى زوجك في أمر توزيعها وعلى كل، فالأمر قد انقضى فينبغي تجاهله وتفويت الفرصة على الشيطان, واعلمي أن صلاح ذات البين من أعظم القربات وأجل الأعمال الصالحات التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، بل هي أفضل من الأضحية نفسها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى، قال صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين.

رواه الترمذي، وصححه الألباني.

ويمكنك أن تغتنمي ما يأتي من مناسبات لتردي لأهلك بعض إحسانهم ومعروفهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني