الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مناقشة القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه الجمعة والظهر

السؤال

هل من السنة إذا اجتمع العيد مع الجمعة أن لا تصلى الجمعة ولا الظهر على قول ابن عباس رضي الله عنه أم هو قول مردود مع ذكر الدليل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكرنا أقوال أهل العلم فيما إذا اجتمع عيد وجمعة في الفتوى رقم: 15442، وخلاصة ما رجحناه فيها أن من شهد العيد رخص له في ترك الجمعة، ومن لم يشهد العيد فعليه أن يشهد الجمعة، وعلى الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من لم يشهد العيد، ومن شاء شهودها ممن شهد العيد، ومن رخص له في ترك الجمعة فأخذ بالرخصة فعليه لزاما أن يصلي الظهر، وأما القول بأن الظهر تسقط في ذلك اليوم فهو قول ضعيف وإن مال إلى ترجيحه بعض العلماء كالشوكاني رحمه الله، بل صلاة الظهر في ذلك اليوم واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح حين سأله الأعرابي عما فرض الله عليه من الصلاة: خمس صلوات في اليوم والليلة.

فلو كانت صلاة الظهر غير واجبة في هذا اليوم لكانت الصلوات الواجبة فيه أربعا لا خمسا، ولما لم يخرج ابن الزبير رضي الله عنهما لصلاة الجمعة صلى الناس وحدانا، ولو كانت الظهر تسقط في ذلك اليوم لما صلوها ولبين لهم ابن الزبير أن صلاتهم تلك غير مشروعة ولبين ابن عباس حين ذكرت له القصة أنه لم يكن عليهم صلاة الظهر، فعن عطاء بن أبي رباح قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا، فصلينا وحداناً، وكان ابن عباس بالطائف فلما قدمنا ذكرنا ذلك له، فقال : (أصاب السنة). رواه أبو داود.

قال العلامة الصنعاني رحمه الله في سبل السلام مناقشا نسبة القول بسقوط الظهر إذا اجتمع جمعة وعيد إلى ابن الزبير رضي الله عنهما ما عبارته: قلت: ولا يخفى أن عطاء أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيدا على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله بل في قول عطاء إنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه، ولا يقال إن مراده صلاة الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعا.

ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخرة فرضها، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعا فهي البدل عنه، وقد حققناه في رسالة مستقلة. انتهى.

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: القول بأن من حضر صلاة العيد تسقط عنه صلاة الجمعة وصلاة الظهر ذلك اليوم قول غير صحيح، ولذا هجره العلماء وحكموا بخطئه وغرابته، لمخالفته السنة وإسقاطه فريضةً من فرائض الله بلا دليل، ولعل قائله لم يبلغه ما في المسألة من السنن والآثار التي رخصت لمن حضر صلاة العيد بعدم حضور صلاة الجمعة، وأنه يجب عليه صلاتها ظهراً. انتهى.

وبما تقدم يتضح لك ضعف القول بسقوط الظهر إذا اجتمع عيد وجمعة، وأن الواجب على من لم يشهد الجمعة ممن رخص له في تركها أن يصلي الظهر، ولو صلى الجمعة خروجا من الخلاف لكان أولى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني