الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مفاسد وأضرار القول بأن القرآن مخلوق

السؤال

أؤمن أن كلام الله ـ القرآن الكريم ـ غير مخلوق وغير محدث، بل هو كلام الله جلّ وعلا الأزلي.
وسؤالي هو: ما حكم من يقول بأن القرآن مخلوق؟ وما الضرر لو قال أحد الناس بأنّ القرآن مخلوق؟ أقصد الضرر من ناحية العقيدة أي هذا القول الخاطئ إلى ماذا يشير؟ وما هي البدع التي سوف تترتب على الاعتقاد بـأنّ القرآن مخلوق؟.
أنتظر ردكم ـ إخوتي الكرام ـ وأتمنى أن يكون فيه الكثير من التفصيل، لأنني طالب علم ـ إن شاء الله ـ وأحب التوسع.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق بالتفصيل بيان أن القول بخلق القرآن كفر بإجماع السلف الصالح في الفتاوى التالية أرقامها: 43864، 61834، 42856، فراجعها، ومع أن هذا القول كفر، فإن قائله لا يكفر حتى تقام عليه الحجة، وانظر في ضوابط التكفير الفتويين رقم: 721، ورقم: 12883.

وأما عن الضرر الناشيء عن القول بهذه البدعة الشنيعة وما يترتب عليها من بدع فنذكر بعضا منه:

الأول: مخالفة الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة القائلين بأن القرآن كلام الله عز وجل منزل غير مخلوق وفي هذا فساد في العقيدة واتباع لغير سبيل المؤمنين ومشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى متوعدا من فعل ذلك: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً{النساء:115}.

الثاني من هذه الأضرار: أن القرآن هو كلام الله عز وجل، ومن جعله مخلوقا فقد جعل شيئا من صفات الله مخلوقا وهذا كفر بين.

الثالث من هذه الأضرار: أن القول بخلق القرآن يلزم منه تعطيل صفة الكلام، والقول بأنه غير متكلم، وهذا إلحاد في صفات الله واتهام له بالنقص جل وعز، فالكلام صفة كمال، وعدمه صفة نقص.

الرابع من هذه الأضرار: أن القول بأن القرآن مخلوق يلزم منه نفي تكلم الله عز وجل بالوحي ونفي الشرائع والكتب المنزلة التي ثبت أن الله عز وجل كلم بها جبريل عليه السلام ثم بلغها جبريل لأنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.

الخامس من هذه الأضرار: أن القول بأن القرآن مخلوق وأن الله لم يتكلم به حقيقة يلزم منه تكذيب لكثير من الآيات التي في القرآن والتي تثبت كلام الله لأنبيائه ورسله، كقوله سبحانه: وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً{النساء:164}.

وكقوله سبحانه: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا {آل عمران: من الآية55}.

وكقوله سبحانه: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلاً{الفتح:15}.

والآيات في هذا كثيرة.

السادس من هذه الأضرار: أن القول بأن القرآن مخلوق يجعل الله عز وجل محتاجا إلى خلقه في البيان عنه وفي أمر العباد بالشرائع وفي نهيهم، واعتقاد أن الخالق في حاجة إلى المخلوق نسبة النقص إلى الله والضعف والعجز وهذا ـ لا شك ـ من الكفر البين.

وبالجملة فهذه البدعة الشنيعة يترتب عليها من الأضرار والبدع الأخرى الشيء الكثير الذي يصعب حصره في هذه الفتوى، فراجع لمزيد من التفصيل: الشريعة للإمام الآجري، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة للالكائي، وشرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي، والعقيدة السلفية في كلام رب البرية وكشف أباطيل المبتدعة الردية للشيخ الجديع، وغيرها من كتب أهل السنة وهي كثيرة ـ والحمد لله.

وراجع الفتوى رقم: 45686، مع نصيحتنا بالابتعاد عن كل من يثير هذه العقائد الضالة ولزوم أهل السنة والجماعة وملازمة العلماء الثقات الذين ينتهجون نهج السلف الصالح ـ وهم كثيرون والحمد لله.

ونسأل الله أن يقي المسلمين شر هذه العقائد الضالة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني