الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تغني إحدى الشهادتين عن الأخرى

السؤال

لماذا يجب على المسلم أن يشرك اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع اسم الله عزّ وجل في الشهادة، مع أن الله رب العالمين ذكر لنا في سورة المنافقون آية: (1) أن المنافقين هم الذين يشهدون إنه لرسول الله، والله يعلم إنهم لكاذبون.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن النطق بالشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الاعتقاد الجازم بمقتضاهما، والعمل بذلك، هو الذي يدخل الشخص به في مسمى الإسلام، ويستحق أحكامه.

ولا تغني إحدى الشهادتين عن الأخرى، بل لا بدّ منهما معًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما جاءه جبريل في صورة رجل، وسأله عن الإسلام، قال له: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله. رواه البخاري. ويقول تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النور:62]، فالشهادة برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، والإيمان به، واتباعه، وطاعته، وتصديقه... كل هذا شرط في صحة إسلام الشخص، لا تغني عنه الشهادة بالله عز وجل، وإنما لا بدّ من الشهادتين معًا، فالله سبحانه جعلهما متلازمتين.

أما ما ذكره السائل من أن المنافقين هم الذين يشهدون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس هذا هو معنى الآية التي استدل بها، وإنما معناها أنهم يقولون هذه الشهادة نطقًا بألسنتهم، ولا يعتقدون ذلك في قلوبهم، فهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وهذا هو حال المنافقين، كما قال تعالى: وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة:14]، وقال تعالى: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1]، فالمنافقون يشهدون بهذه الشهادة كذبًا بألسنتهم فقط، وليست شهادة حقيقية نابعة من قلوبهم؛ ولهذا قال تعالى: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون:1]، فالمنافق هو من يعلن الإسلام بالنطق بالشهادتين، ويضمر الكفر؛ لأنه لا يعتقد ما يقول، وهذا هو معنى الآية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني