الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نذر مالا لترميم مسجد وآخر للمحتاجين فدفع المال كله لأبيه

السؤال

كنت على رأس عملي وتم الاستغناء عن مجموعة من الموظفين وكنت من ضمنهم ووعدونا بأنه سيتم إرجاع بعض الموظفين، فنذرت نذراً لله سبحانة وتعالى, إذا رجعت للعمل أن أخرج مبلغا قدره: 1000 ريال لمحتاج، وكان في نيتي أن أخصص جزءا منه وقدره: 500 ريال لترميم مسجد في دولة أخرى، والجزء الآخر أوزعه، ـ والحمد الله ـ كنت من الذين رجعوا إلى العمل، وبعد فترة قصيرة من رجوعي للعمل ـ بأسبوعين تقريبا ـ أصاب والدي ظرف مادي صعب، لدرجة أنه بدأ يبحث عن من يقرضه ـ ووالدي رجل كبير ـ فقمت بإعطائه المبلغ الذي يحتاجه وأضفت له المبلغ الذي نذرته، لكونه ما زال محتاجا، فهل بعملي هذا أكون قد وفيت بالنذر؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق بيان حكم النذر المعلق ووجوب الوفاء به على الكيفية التي نذره بها صاحبه إذا تحقق المعلق عليه وانظر في ذلك الفتويين رقم: 11339، ورقم: 25218، ولذلك يلزمك إخراج الألف وتوزيعها على الكيفية التي نذرتها بها ـ وهي خمس مائة لترميم مسجد، وخمس مائة توزع على المحتاجين - كما في السؤال - فقد نص أهل العلم على أن النذر إذا كان لمعين لزم لذلك المعين، حتى قال بعضهم: ولو نذر لمعين كان له مطالبة الناذر بما نذر إن لم يعطه، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 25218، وكما جاء في نظم المايابي لالتزامات الحطاب:

فإن يكن لرجل بعينه * فهو بحكم القاضي مثل دينه

وما لنحو الفقراء يلزم * لكن بذاك ليس يقضي الحكم.

وإذا كان والدك محتاجاً ـ كما ذكرت ـ فإنه يدخل ضمن المحتاجين الذين توزع عليهم الخمس مائة، ولا يصح أن يستبد بها وحده، لأن نيتك قد حددت جهات النذر الحاصل ـ أصلاً ـ والنية معتبرة في جميع الأعمال، كما في الصحيحين مرفوعاً: إنما الأعمال بالنية.

وقال العلامة خليل المالكي في المختصر ـ مع شرحه ـ في باب اليمين: وخصصت نية الحالف ـ إن كان بها تخصيص أو تقييد.

ويذكر هذا ـ أيضاً ـ في أبواب مختلفة كالطلاق والعتق، ومن المعلوم عندهم أن النذر واليمين قرينان، ولذا يلزمك أن توزع هذا النذر على ما نذرته له، وحسب ما نويت، فإن النية هي المحددة لجهات النذر ـ كما أشرنا ـ وإذا كنت ملتزماً بنفقة والدك، فإنه يصير غير محتاج بالتزامك نفقته، فلا يدخل في المحتاجين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني