الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حلف بالطلاق ألا تخرج زوجته من الغرفة فخرجت

السؤال

حلف علي زوجي بالطلاق في صيغة علي الطلاق ما انت طالعة من الغرفة, حيث كنا بغرفة واحدة فى مشادة بيننا قبل الدخول بمنزل والدتي, أثناء خروجي من الغرفة و علما أننى لم أقصد نشوزا و كنت بملابس البيت أي لم يكن في نيتي الخروج من البيت فقط الذهاب لمكان آخر للبكاء وخوفا منه, كيف لذلك الحلفان إن كان قد وقع أن يكون لاغيا دون أن أبقى بالغرفة مدى الحياة علما بأنه قد كان بحالة ثورة شديدة
والمرة الأخرى كنا نجهز بيتنا و كنا على خصام و من المسموح أن اذهب لبيتنا لأغراض الفرش والجهاز أي وقت , ويقول إنه قال لأمي هاتفيا إني لو خرجت أكون طالقا ولم أعلم بتلك المكالمة وذهبت لبيتى لبعض الأغراض أثناء نوم أمي بعد أن اتصلت به ولم يرد لأستأذنه, لم تكن أمي قد قالت لي على مكالمته , وعندما عدت قال لى إنني قد تسببت في الطلاق ولكني لم أكن على علم وحين سألت أمي قالت إنه لم يحلف طلاقا أصلا أو إنها سهت عن سمع ذلك, فكيف لى أن أكون تسببت بالطلاق
وأخر طلاق وأنا حامل بالشهر السادس وقد سئمت حلفانه طلاقا على كل شيء و اتصلت أخته تبلغني أني لو ذهبت لأمي أكون طالقا, قلت لها أن تقول له إني سأذهب لألقنه درسا ولكنى سأنام ولن أكلمه ولن أذهب وهي وحدها تعلم ذلك, عاد إلى المنزل ووجدني بملابس النوم وبعد مشادة لأسباب أخرى غير الخروج انهرت وطلبت الطلاق أو أني سأذهب عند أمي لو لم يطلقني فيقع الطلاق ضربني ضربا شديدا وعلى ظهري علما بحملي فكان في حالة هياج تأتيه أحيانا وهو يتناول المهدئات يوميا فتسبب الضرب بحالة مغص شديدة وأوشكت الإجهاض وأحسست بنزول شيء وقت الضرب وقد رأى ذلك فتوقف وأعطاني دواء ولم أكن اعلم بما ينزل منى ولكنى أشعر به, أصررت على النزول فقد سئمت تهديده بالطلاق فقال لا تذهبي لأمك اليوم وأني والله لن احلف بالطلاق أو أتكلم فيه أبدا علما بأن أخته تعلم بنيتي بأنى لن أذهب لوالدتي وأريد تهديده فقط , عندما رآني عند الباب قال أنت طالق وغادر المنزل بعد أن كان أقسم أنه لن يتكلم في الطلاق أبدا لو لم أذهب لوالدتي اليوم ويعلم الله وأخته أني لم أكن ذاهبة ولم انتو ذلك, فدخلت بيتى ووجدت أني قد نزفت أثر الضرب وفى الصباح حدث ذلك ثانية
ويوما ما كان قد قال لي إن الطلقة الثانية لم تقع وإنه يوجد شك بالأولى أيضا فقد أفتاه أحد في ذلك وهو وحده يعلم بما انتوى أمام الله, قالت لى أخته أمس إن حياتنا بعد ذلك حرام فقد قال لها إنه طلقني ثلاثا وكانت منتهى القسوة معي وأنا اعلم كم يكرهونني لكوني الزوجة الثانية فأحيانا لا أعلم إن كانوا يخدعونني وهو لا يريد أن يكلمني لأعرف ما نواياه وإن كان ما قالته أخته صحيحا أم لا
, آسفة على لأطاله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما حلف زوجك بالطلاق ألا تخرجي من الغرفة فهذا يرجع فيه لنيته فإن كان يقصد فترة معينة فتتعلق اليمين بهذه الفترة فإن خرجت قبل انقضائها وقع اليمين وإن خرجت بعد انتهائها فلا يقع شيء , وإن لم ينو شيئا فحينئذ يرجع إلى ما حمله على اليمين وهيجه عليها فيتعلق اليمين به ويزول حكم اليمين بزواله.

قال الدردير في الشرح الكبير: ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال. " انتهى بتصرف.

وإنما أرجعنا الأمر في ذلك كله لنيته وقصده لأن المرجع في أمر الأيمان إلى النيات والقصود , كما بيناه في الفتويين رقم: 35891, 80610.

أما تعليقه الطلاق على خروجك من البيت فإن كان يقصد من ذلك زجرك عن الخروج ثم خرجت بدون علم بهذه اليمين والحال أنك ممن يبالي بيمينه بمعنى أنك لو عرفت بها ما خرجت فهنا لا يقع الطلاق بخروجك , لعدم علمك به , وقد بينا هذا مفصلا في الفتوى رقم: 52979.

أما تنجيزه الطلاق بلفظه الصريح بقوله أنت طالق فهذا طلاق واقع بلا خلاف وما دام زوجك قد استفتى بعض أهل العلم وأعلمه بحقيقة نيته وأفتاه بعدم وقوع الطلاق في المرة الأولى فعليك أن تصدقيه في ذلك لأن اليمين إنما يرجع فيها لنيته, ونيته لا تعلم إلا من جهته فوجب تصديقه في ذلك.

وفي النهاية ننبه على أمرين:

الأول: أن الراجح من كلام أهل العلم في أمر الحلف بالطلاق هو ما ذهب إليه جمهورهم من أن حكمه حكم الطلاق المعلق فيقع بوقوع ما علق عليه وهذا ما نفتي به , وخالف في ذلك بعض أهل العلم فجعلوا فيه كفارة يمين فقط عند حصول المعلق عليه , وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 11592.

الثاني: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق إلا إذا وصل بصاحبه إلى حد الإغلاق وراجعي حكم طلاق الغضبان في الفتوى رقم: 11566.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني