الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلبت الطلاق لعقم زوجها ولم تتزوج.. فهل هذا عقوبة أم ابتلاء

السؤال

أنا إنسانة ـ والحمد لله ـ على خلق وعلى قدر من الجمال، وكنت متزوجة من إنسان على خلق وقدر الله علينا الانفصال بسبب رغبتي في الإنجاب، ولأن الله قدر لهذا الرجل أن يكون عقيما، رغم أنه على خلق، إلا أنني لم أستطع أن أتحمل أن أحرم من هذه النعمة، وهذا تقريبا من 3 سنوات، وإلى الآن لم أتزوج، وقدر الله له هو أن يتزوج بأخرى، وأنا الآن أعاني من الحرمان من زوج ومن أبناء وهذا بالإضافة إلى نظرة المجتمع إلى المطلقة وإلى المعاناة النفسية والجسدية التي أشعر بها، ولكنني أقول من المكن أن يفرجها ربنا قريبا، فهل ما أنا فيه عقاب من الله؟ لأنني تركت هذا الشخص، وهل معنى أنني مطلقة علي أن أتزوج من أي شخص حتى وإن لم يكن هذا الشخص مناسبا لي اجتماعيا أو عقليا؟ وماذاعلي أن أفعل؟ وهل هذا عقاب أم ابتلاء؟ ويحتاج إلى صبر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل أنّه لا يجوز للمرأة طلب الطلاق من غير سبب مشروع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم قال: أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ ـ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ ـ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ. رواه أحمد، وصححه الألباني.

لكنّ طلبك للطلاق من زوجك بسبب عقمه جائز لا حرمة فيه، فإنّ الإنجاب مطلب فطري ومقصد من أعظم مقاصد الزواج، فالحرمان منه ضرر يسوّغ طلب الطلاق، وانظري الفتوى رقم :32645.

وعلى هذا، فلا يكون ما تعانين منه عقوبة على هذا الأمر، وإنما هو ابتلاء من الله تعالى وقدر من أقداره التي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا، ولكنّ الإنسان عجول، قال ابن القيم: والعبد لجهله بمصالح نفسه وجهله بكرم ربه وحكمته ولطفه لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل ـ وإن كان دنيئا ـ وبقلة الرغبة في الآجل ـ وإن كان عليا.

واعلمي أنّ الطلاق وإن كان في الأصل مبغوضاً، إلّا أنّه ليس بالضرورة أن يكون شرّاً في كلّ الأحوال، بل قد يكون خيراً، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}. قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا، بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها.

وكون المرأة مطلقة لا يعني أنّ عليها القبول بمن يتقدّم لها ـ ولو كان غير كفء لها ـ بل ينبغي لها أن تحسن الاختيار، لكن ننبّه إلى أنّ المعتبر في الكفاءة بين الزوجين هو الكفاءة في الدين، ولا اعتبار لاختلاف المستوى الاجتماعي أو الثقافي إذا توفّر الدين وحصل القبول بين الطرفين، كما سبق في الفتويين رقم: 2346، ورقم: 14218.

كما نشير هنا إلى أنّه يجوز للمرأة أن تعرض نفسها على من ترضى دينه وخلقه للزواج، بضوابط مبينة في الفتوى رقم:108281.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني