الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في طلب المرأة الطلاق من زوج لا ينفق عليها ويسيئ عشرتها

السؤال

أنا متزوجة منذ 17عاما، وكان زوجي يلعب الميسر، وقد اكتشفت ذلك بعد الزواج، ولكنه تركه بعد أن استحلفته أن لا يدخل علينا أي قرش منه، ويشرب الخمر، وقد وعدني قبل الزواج أن يتركها، ولكنه ـ حتى الآن ـ لم يتركها، ويسيء معاملتي ولا يحترمني أمام أولادي ولا يصرف علي، مما اضطرني أن أشتغل ـ والحمد الله ـ ربنا فتح علي، ولكنه يستغلني في كل احتياجاتي الشخصية وكسوة وعلاج الأولاد وكل ما يخصهم ويخصني ولا يكلمني ـ حتى في طلباته الشخصية ـ إلا عبر البنات العاملات في البيت مما يسيء لي أمام أولادي وأهله وحاولت إصلاحه ـ بأن اشترطت أن لا يمسني حتى يترك الخمر ـ فكان لا يشربها في اليوم الذي يريدني فيه ولايشربها في اليوم الثاني، وعموماً قد تمت جلسات بحضور أهلي حتى لا يسيء إلي ولم يلتزم بذلك مما يشعرني ـ دائما ـ بأنني مهانة ومذلولة، وكثيراً ما ـ أعزكم الله ـ يبصق علي أثناء أي خلاف بيننا، علما بأنني قد ساعدته في بناء بيتنا الحالي ـ رغم سوء معاملته لي ـ بأكثر من نصف التكلفة، وحين مطالبتي له بتسجيل جزء مما أستحق ذكر لي أن هذا بيته وأنه لم يطلب مني أن أساعده، وغيرهذا كثير، وعندما أحس أنه محتاج ـ بعد أن فتح الله علي بعملي ـ أساعده في بعض الأمور: كشراء عربية وكسوة وأثاث المنزل كله ـ وباختصار: قد بدأت أشعر بأنني مهانة ومذلولة ولا أستطيع العيش في ظل هذه الاختناقات، مع العلم أن عمري 38 سنة ـ والحمدالله ـ قمت بحج بيت الله الحرام مرتين ولي ثلاثة أولاد أكبرهم: 15 سنة و12سنة و3 سنوات وهو في الغالب يسيء معاملتهم، وهو الآن عاطل عن العمل، وهذه ليست مشكلتي معه، بل ما أشكو منه سوء المعاملة والبخل الشديد في الصرف علي وعلى الأولاد، وهذا الذي ذكرته قليل من كثير، وكثيرا ما يخاصمني عدة أيام ويسافر ولا يترك لنا درهما واحدا، حتى أصبحت أحس بأنني كمن يقال عنهم: من يهن يسهل الهوان عليه ـ ولا أستطيع أن أخرج أولادا ناجحين، أسألكم: هل يبيح لي الشرع طلب الطلاق للضرر؟ وهنالك كثير لم أذكره لكم ولكن من خلال ما ذكر: هل أستطيع طلب الطلاق؟ علما بأن زوجي معروف بين الأهل والأصدقاء بالبخل الشديد ولا يساعد إلا إذا كانت هنالك مصلحة ـ ليسامحني الله في ما ذكرت في حقه ـ وأرجو من الله له الهداية، وحقيقةً لا أستطيع أن أواصل معه وأصبحت نافرة، ولا أستطيع أن أؤدي حق الله فيه، لنفوري منه، ولكثرة ما يسيء إلي، وهل حضانة الأولاد من حقي؟.
وآسفة علي الإطالة، أفيدوني دينياً أفادكم الله، حتي لا أكون ممن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عنهم لا يشمون رائحة الجنة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دام الزوج على ما ذكرت ـ من إصراره على تضييع حقوق الله سبحانه بشرب الخمر التي هي أم الخبائث، ثم تضييعه لحقوقك وحقوق أولاده من ترك ما وجب عليه من الإنفاق عليكم ثم مداومته على إهانتك والإساءة إليك ولم يجد معه النصح والوعظ المتكرر ـ فلا حرج عليك في طلب الطلاق منه، لأن فسوق الزوج وإضراره بزوجته من الأسباب التي تبيح للزوجة طلب الطلاق منه، كما بيناه في الفتويين رقم: 33153، ورقم: 9107.

أما عن حضانة الأولاد: فمن لم يبلغ منهم سن السابعة فأنت أحق به باتفاق العلماء ما لم تتزوجي.

أما من بلغ منهم هذه السن: فقد اختلف الفقهاء في شأنه: هل يضم إلى أبيه أو يبقى عند أمه أو يخير بين الأب والأم؟ وكذا حصل الخلاف في البنت خاصة: هل تستمر حضانتها إلى زواجها؟ أم إلى بلوغها تسع سنوات أو غير ذلك؟ وكل هذا قد تم بيانه في الفتوى رقم: 6256، وأرجح الأقوال وأعدلها وأقربها إلى مقاصد الشريعة أن تراعى مصلحة الطفل، فإن كانت مصلحته مع أمه ضم إليها، وإن كانت مصلحته في المقام مع أبيه ضم إليه.

قال الشوكاني في نيل الأوطار: واعلم أنه ينبغي قبل التخيير والاستفهام ملاحظة ما فيه مصلحة للصبي، فإذا كان أحد الأبوين أصلح للصبي من الآخر قدم عليه من غير قرعة ولا تخيير. انتهى.

ولا شك أن بقاءههم مع أبيهم ـ وهو على ما ذكرت من معاقرة الخمور وترك الإنفاق عليهم ـ مفسدة ظاهرة وعليه، فأنت أحق بحضانتهم، وارجعي في ذلك الفتوى رقم: 124219.

وفي النهاية ننبهك على أن الأصل المتقرر أنه لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها ـ حتى وإن كان عاصيا مقيما على الكبائر ـ ما دام لم يفارق الإسلام، ولكن إن تضررت المرأة منه، فلها أن تطلب الطلاق منه أو ترفع أمرها إلى المحكمة، ليطلقها القاضي، ويستثني من ذلك ما إذا ترك الزوج النفقة الواجبة على زوجته والتي بينا ماهيتها في الفتوى رقم: 113285، فحينئذ يحق لها أن تمتنع عن فراشه، كما بيناه في الفتوى رقم: 124684.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني