الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ينصح غير المسلم بتقوى الله وغض البصر

السؤال

هل حرام أن ينصح شخص مسلم زميلا له ولكنه مسيحي أم أنه حلال؟ فمثلا إن قلت له اتق الله وغض بصرك فهل نصيحة المسلم لغير المسلم حرام أم إنها حلال جداً؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح الذي عليه جمهور العلماء أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 20318. ومع ذلك فأعمالهم لا تصح إلا بعد الإيمان، فثمرة هذا الخلاف إنما تظهر في زيادة العذاب عليهم في الآخرة، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 120225.

وبذلك يتضح أن أمرهم بالعبادات الصرفة لا يصح، لأنهم غير مؤهلين لها ولا مأجورين عليها، ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر المشركين أو اليهود في المدينة بشيء من شرائع الإسلام، بل قد أمر معاذاً رضي الله عنه عندما أرسله إلى اليمن فقال: إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم... متفق عليه.

وفي هذا دلالة على أن أمر الناس بالشرائع لا يتأتى إلا بعد إيمانهم.

وفي فتح الباري: لا يتأتى الإتيان بشيء من المأمورات على قصد الامتثال، ولا الانكفاف عن شيء من المنهيات على قصد الانزجار إلا بعد معرفة الآمر والناهي. انتهى.

ولذلك خص رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بحق النصيحة، كما في صحيح مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة: قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. وفي الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.

ثم ينبغي التفريق بين ما سبق من أمر العبادات الصرفة، وبين العبادات التي تصان بها الأعراض وتؤدى بها حقوق العباد، كغض البصر وصدق الحديث ورد الأمانة ونحو ذلك فإن أمرهم بمثل هذا يعود بالنفع على مجتمع المسلمين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني