الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذهب ابن عباس في أقل الوتر

السؤال

مامعنى قول ابن عباس رضي الله عنهما (( مِنْ أَيْنَ تُرَى أَخَذَهَا الْحِمَارُ ))؟
أنَّ أَبَا غَسَّانَ مَالِكَ بْنَ يَحْيَى الْهَمْدَانِيَّ حَدَّثَنَا قَالَ: ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ, قَالَ: أنا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْرٍ , عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ نَتَحَدَّثُ حَتَّى ذَهَبَ هَزِيعٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَامَ مُعَاوِيَةُ، فَرَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " مِنْ أَيْنَ تُرَى أَخَذَهَا الْحِمَارُ " شرح معاني الآثار - باب الوتر-

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالعبارة المذكورة- إن صحت عن ابن عباس وهو أمر مستبعد- فهي إنكار منه- رضي الله عنه- على فعل معاوية- رضي الله عنه- صلاته للوتر ركعة واحدة ، لأنه كان يكره أن يوتر الرجل بركعة واحدة لم يتقدمها تطوع بركعتين أو أربع..

ويتضح ذلك عند ما تقرأ الآثار التي ذكرها الطحاوى في هذا الباب، فقد عقب على مذهب ابن عباس المذكور بقوله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما خِلاَفُ هَذَا . فَذَكَرَ (بالسند) عَنْ عَطَاءٍ : قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما هَلْ لَك فِي مُعَاوِيَةَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ,- وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَعِيبَ مُعَاوِيَةَ- , فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَصَابَ مُعَاوِيَةُ . قِيلَ لَهُ (لعطاء راوي هذا الأثر) قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي فِعْلِ مُعَاوِيَةَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى إنْكَارِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ . وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا غَسَّانَ... الأثر المذكور عَنْ عِكْرِمَةَ قال: "وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ " أَصَابَ مُعَاوِيَةُ " عَلَى التَّقِيَّةِ لَهُ، أَيْ أَصَابَ فِي شَيْءٍ آخَرَ لِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ، وَلاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ - عِنْدَنَا - أَنْ يَكُونَ مَا خَالَفَ فِعْلَ رَسُولِ الله الَّذِي قَدْ عَلِمَهُ عِنْدَهُ صَوَابًا . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْوِتْرِ أَنَّهُ ثَلاَثٌ"

والأثر المذكور لم نقف عليه عند غير الطحاوي في شرح معاني الآثار، وقد ذكره بإسناد آخر إلا أنه لم يقل الحمار.

والحاصل أن معنى هذه العبارة هو الإنكار على معاوية الوتر بركعة واحدة، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الوتر حق، فمن شاء أوتر بسبع، ومن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة. رواه النسائي وغيره وصححه الألباني.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني