الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في التسويق للبنك

السؤال

سماحة الشيخ: أنا أعمل في أحد البنوك ـ كمسوق للبنك ـ حيث آتي بمقترضين للبنك، ويكون التسديد على شكل أقساط شهرية، وفائدة البنك حوالي: 3%، وأتقاضى عمولة على ذلك زياده على راتبي، مع العلم أنه بإمكاني الحصول على وظيفة أخرى، ولكن براتب متدن، فما حكم عملي في هذه الحالة؟ وهل النقود التي كنت أتقاضاها حلال؟ وإذا كانت غير ذلك، فماذا علي أن أفعل؟ وهل أعيدها إلى البنك؟ أم أتصدق بها؟ وهل صحيح أن المال الحرام إذا مزج مع المال الحلال أفسده؟.
أفيدوني أفادكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحكم ذلك العمل ينبني على حكم البنك الذي تعملين به، فإن كان البنك ربويا، فلا يجوز لك العمل به، لما فيه من التعاون على الإثم والباطل المحرم وأكل أموال الناس بغير حق، سيما وأن عملك هو جلب الزبائن لأخذ القروض الربوية، فهذا من الإثم العظيم، والساعي فيه معين للشيطان داع بلسانه، ليوقع الناس في شر الربا ومجاوزة حدود الله، هذا مع ما في طبيعة ذلك العمل القائم على تصنع المرأة في الحديث ومخالطتها للرجال على وجه لا يخلو من إثم غالبا.

وإذا كان الأمر كذلك، فما يؤخذ من أجر على هذا العمل فهو محرم، لأنه دلالة على منفعة محرمة ـوهي القرض الربوي- ويجب صرفه في مصالح المسلمين ودفعه إلى الفقراء والمساكين بنية التخلص من المال الحرام لا بنية الصدقة، لأن الله طيب لايقبل إلا طيبا ولمن فعل ذلك أجر تركه للحرام وتخلصه منه ابتغاء مرضات الله، لا أجر الصدقة.

وأما لو كان البنك إسلاميا ومعاملاته منضبطة بالضوابط الشرعية وكان عملك فيه خاليا من المحاذير الشرعية ـ كالاختلاط المحرم ونحوه ـ فلا حرج عليك في العمل فيه ويكون أجرك عليه حلالا، لكن يجب عليك مراعاة الضوابط الشرعية لعمل المرأة المبينة في الفتويين رقم: 522، ورقم: 5181.

وأما سؤالك عن المال الحرام إذا امتزج بالمال الحلال؟ فجوابه: أن المال حينئذ يسمى مالا مختلطا ولا يحرم الانتفاع بقدر المال الحلال، والحرمة لا تتعلق بأعيان النقود وإنما بذمة صاحبها، فإذا أخرج قدر الحرام من ماله طاب له باقيه، قال ابن تيمية في الفتاوى: المال المأخوذ بوجه محرم إذا خلط بمال حلال فالواجب أن يخرج من ذلك القدر المحرم، وقدر ماله حلال له.

وقال ابن العربي في تفسيره ـ أيضاً: فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده، فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني