الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلاة النساء جماعة مع عدم رؤية الإمام ولا المأمومين

السؤال

ما حكم صلاة النساء في المساجد مع عدم رؤية الامام أو صفوف الرجال ـ مطلقا؟ وكل المتابعة للإمام من خلال الميكرفون ـ فقط ـ وإذا كانت الصلاة صحيحة، فما الفرق بينها وبين الصلاة خلف المذياع؟ وماذا لوحدث سهو عند الامام ولم تدرك النساء هذا السهو فجلسن حينما قام وهكذا؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاقتداء المأموم بالإمام إذا كانا في المسجد جائز إجماعا وإن لم ير المأموم الإمام ولا من وراءه، بشرط أن يكون عالما بانتقالاته بسماع التكبير، جاء في الروض مع حاشيته لابن قاسم: يصح اقتداء المأموم بالإمام إذا كانا في المسجد وساحته والمنارة التي هي منه، نقل غير واحد إجماع المسلمين فيه، ولو لم تتصل الصفوف عرفًا، لأن المسجد بني للجماعة، فلا يشترط اتصالها فيه، بلا خلاف في المذهب، وحكاه أبو البركات إجماعا، لأنه في حكم البقعة الواحدة، فكل من حصل فيه حصل في محل الجماعة، بخلاف خارج المسجد، وإن لم يره ولا من وراءه إذا سمع التكبير، لأنهم في موضع الجماعة، ويمكنهم الاقتداء به بسماع التكبير أشبه المشاهدة ـ ولو كان بينهما حائل ـ إذا علم حال الإمام وفاقا لمالك والشافعي، وحكي الإجماع على أنه لا يضر بعد المؤتم في المسجد ولا الحائل ولو كان فوق القامة، مهما علم حال الإمام.

انتهى.

وبه يظهر لك أن اقتداء النساء بالإمام جائز إذا كن في المسجد وإن لم يرين الإمام ولا من وراءه، والفرق واضح كل الوضوح بين هذه الصورة وبين الائتمام بالمذياع، فإن من يصلي خلف المذياع ليس داخل المسجد ولا الصفوف متصلة، فشرط جواز الاقتداء مفقود ـ إذن ـ قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ بعدما بين اشتراط اتصال الصفوف لصحة اقتداء المأموم بالإمام وهو في خارج المسجد: وهذا القول هو الصحيح وبه يندفع ما أفتى به بعضُ المعاصرين مِن أنَّه يجوز الاقتداءُ بالإِمامِ خلفَ ـ المِذياعِ ـ وكَتَبَ في ذلك رسالةً سمَّاها: الإقناع بصحَّةِ صلاةِ المأمومِ خلفَ المِذياع ـ ويلزمُ على هذا القول أن لا نصلِّيَ الجمعةَ في الجوامع، بل نقتدي بإمام المسجدِ الحرامِ، لأنَّ الجماعةَ فيه أكثرُ فيكون أفضلَ، مع أنَّ الذي يصلِّي خلفَ ـ المِذياع ـ لا يرى فيه المأموم ولا الإِمامَ، فإذا جاء ـ التلفاز ـ الذي ينقل الصَّلاة مباشرة يكون مِن بابِ أَولى، وعلى هذا القول اجعلْ ـ التلفزيون ـ أمامَك وصَلِّ خلفَ إمامِ الحَرَمِ، واحْمَدِ اللهَ على هذه النِّعمةِ، لأنَّه يشاركك في هذه الصَّلاةِ آلاف النَّاس، وصلاتك في مسجدك قد لا يبلغون الألف.
ولكن، هذا القولُ لا شَكَّ أنَّه قولٌ باطلٌ، لأنه يؤدِّي إلى إبطالِ صلاةِ الجماعةِ أو الجُمعة، وليس فيه اتِّصالَ الصُّفوفِ، وهو بعيدٌ مِن مقصودِ الشَّارعِ بصلاةِ الجمعةِ والجماعةِ، والذي يصلِّي خلفَ ـ المِذياع ـ يصلِّي خلفَ إمامٍ ليس بين يديه، بل بينهما مسافات كبيرة، وهو فتح باب للشر لأنَّ المتهاون في صلاةِ الجُمُعة يستطيع أن يقولَ: ما دامتِ الصَّلاةُ تَصِحُّ خلفَ ـ المِذياع، والتلفاز ـ فأنا أريدُ أن أصلِّيَ في بيتي، ومعيَ ابني أو أخي، أو ما أشبه ذلك نكون صفَّاً.
فالرَّاجح: أنه لا يَصِحُّ اقتداءُ المأمومِ خارجَ المسجد إلا إذا اتَّصلتِ الصُّفوف، فلا بُدَّ له مِن شرطين:
1 ـ أن يَسمعَ التكبيرَ.
2 ـ اتِّصال الصُّفوف
.

انتهى.

وأما فيما لو حدث للإمام سهو فقام وجلست النساء بناء على الأصل فإنهن متى أدركن تخلفهن عن الإمام وأنه سبقهن بركن مثلا فعليهن أن يأتين بما سبقن به ثم يتابعن الإمام فيما بقي من صلاته وليس عليهن شيء في تخلفهن عن الإمام، لأنه تخلف لعذر فلم يضر، وليس عليهن سجود سهو، لأن سهو المأموم يحمله الإمام، وانظر لمزيد الفائدة فيما يجب على المأموم فعله إذا تخلف عن إمامه لعذر الفتوى رقم: 128265.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني