الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقدار السترة في الصلاة ومسافة المرور أمام من لم يتخذ سترة

السؤال

ما هو مقدار السترة في الصلاة؟ وما رأي الدين في الذي يتكلف فيها مثلا يري مسافة أمام المصلي حوالي متر أو أكثر ومع ذلك يذهب بعيدا لكي لا يمر من هذه المسافة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاتخاذ السترة للمصلي متفق على مشروعيته بين أهل العلم، وأقل ما يجزئ من السترة مقدار مؤخرة الرحل وهو نحو من ثلثي ذراع، فإن لم يجد فقد اختلف العلماء هل يشرع له أن يخط خطا أو لا؟ ومن لم يجد سترة فخط خطا رجونا أن يجزئه إن شاء الله عملاً بقول من رأى مشروعية ذلك من العلماء، ولأنه ورد في الخط حديث قواه الحافظ في بلوغ المرام.

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم: وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلي، وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع. هو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا، وشرط مالك رحمه الله تعالى أن يكون في غلظ الرمح، قال العلماء والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه، واستدل القاضي عياض رحمه الله تعالى بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلي لا يكفي، قال: وإن كان قد جاء به حديث وأخذ به أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فهو ضعيف، واختلف فيه فقيل يكون مقوساً كهيئة المحراب وقيل قائماً بين يدي المصلى إلى القبلة وقيل من جهة يمينه إلى شماله، قال ولم ير مالك رحمه الله ولا عامة الفقهاء الخط. هذا كلام القاضي وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب، واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى فيه فاستحبه في سنن حرملة وفي القديم ونفاه في البويطي وقال جمهور أصحابه باستحبابه وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط. انتهى.

وقال ابن قدامة رحمه الله: وجملته أنه يستحب للمصلي أن يصلي إلى سترة، فإن كان في مسجد أو بيت صلى إلى الحائط أو سارية، وإن كان في فضاء صلى إلى شيء شاخص بين يديه، أو نصب بين يديه حربة أو عصا أو عرض البعير فصلى إليه، أو جعل رحله بين يديه، وسئل أحمد يصلي الرجل إلى سترة في الحضر والسفر؟ قال: نعم مثل آخرة الرحل، ولا نعلم في استحباب ذلك خلافاً، والأصل فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان تركز له الحربة فيصلي إليها ويعرض البعير فيصلي إليه، وروى أبو جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم ركزت له العنزة فتقدم وصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع. متفق عليه. وعن طلحة بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك. أخرجه مسلم. انتهى.

فإذا علمت هذا، فاعلم أن المصلي إذا صلى إلى سترة فإنه لا يجوز لأحد أن يمر إلا من وراء هذه السترة، واختلف العلماء فيما إذا لم يصل إلى سترة، فقيل يمر من بعد موضع سجوده وهو ما رجحه الشيخ العثيمين رحمه الله، وقيل يمر بعد مسافة ثلاثة أذرع من موضع قدمي المصلي وهو المذهب عند الحنابلة، وقيل لا يمر قريباً منه عرفاً، وهذا ما رجحه الشيخ ابن باز في حواشيه على الفتح ورجحناه، وذلك في الفتوى رقم: 10700.

وبناء عليه، فإن الذي يتحرز لئلا يمر بين يدي المصلي محمود على فعله ذاك، فإن الوعيد قد ثبت لمن يمر بين يدي المصلي في أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيح: لو يعلم المار بين يدي المصلي ما عليه -أي من الإثم - لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه.

وعليه أن يمر من وراء سترته إن كان يصلي إلى سترة، أو من مسافة بعيدة منه عرفاً بحيث لا يكون ماراً بين يديه عرفاً إن كان يصلي إلى غيره سترة، وإن كان يقلد من يفتي باعتبار موضع السجود أو مقدار ثلاثة أذرع فإنه يترك هذه المسافة ثم يمر من وراءها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني