الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلاف بينكما سببه سفاسف الأمور ولعاعات الدنيا

السؤال

أنا متزوجة منذ 3سنوات وغير متفاهمة مع زوجي، و السبب أنه لا يحب أهلي مع أنه كان صديق أخي الكبير وهم جميعا في فرنسا، ثم بدر من أخي تصرف سيء وهو أنه عندما يذهب لأهل زوجي لا يأخذ شيئا هو ذهب مرتين، وعندما أتى العرس لم يحضر لزوجي كبشا ولا عربة لنقل أشيائي، علما أنه بعيد 300 كم وحضر متأخرا عن الوقت المحدد للفاتحة، ومن عادتنا أن نستدعي كل رجال العائلة حتى أنهم سخروا منا وعندما ذهبنا إليهم قالوا إننا لم نقم بالواجب فبدأوا يهينون أمي وأخواتي، وبعد أسبوعين جاء وقت رحيل زوجي إلى فرنسا فطلب مني أن أبقى في بيتهم الذي أهانوني فيه حتى إنني جعت عندهم لأنهم لا يطبخون مثلنا ولم يهتموا بغريبة معهم، ومن ثالث يوم بدأت أغسل الأواني وأساءوا لي بالكلام فرفضت فزاد الأمر سوءا، ثم لحقت به ولم ننس المشاكل كنت لا أردد ما حصل من أهله لكنه كان دوما يعيد ما حصل من أهلي كنت دوما أغطي وأضحك، أنسيه ما بدر من الاثنين مع أن أهله كانوا ظالمين لكنني رددت العلاقة مع أهله والآن هم على الأقل لا يكرهونني، أما هو فكلما ذهبنا إلى إخوتي هنا في فرنسا وهذا على الأقل مرة في الشهر نرجع ونحن غير متفاهمين أخوك قال وقال..والذي زاد قبل ولادتي زارني أخي فخدشت ابنته التلفاز وعندما رأى زوجي هذا بعد ذلك كلمه وعاتبه، وأخي عند ما ذهبنا إليه لم يكلمه كثيرا هو وزوجته فعاد زوجي غضبا وقال لي لن أدخل بيته وهو دائما ينبش وراءهم قالوا وفعلوا، وأتت ولادتي بقيت في المستشفى 6 أيام وطلبت منه أن يخرجني لأن نفسيتي غير مرتاحة فتقلق مني وأخرجني ووضعني في البيت وتغدى وحده وخرج ليصرف، ثم عاد و لم يكلمني تكملت معه و أنا أغسل الأواني ونفسيتي منهارة فتصالحنا قليلا، ثم أتت زوجة أخي أيام لتساعدني فنحن في غربة وكان زوجي متوترا من وجودها وقال لي إن طلبت أن تذهب لا تمانعي ففعلت، وطلبت أن يقوم بدورها فقبل ما إن ذهبت حتى بدأ يرفض عمل الأشياء أو يفعلها متقلقا وأحضر لي ضيوفا أتوا بدون عزيمة وهو لم يرفض 20 يوما بعد الولادة قمت بحق الضيف، ثم بدأت مشكلة الهدايا المقدمة من أهلي صرت أخاف من المفرح وبدأ يقلقني ويبكيني وأنا في مرحلة نفاس، كرهته و لم أستطع أن أشعر بالأمومة، وبعدها كان أخي سيذهب إلى الحج فعزمنا على عشاء فصرح له زوجي وقال له أرجو أن نقطع العلاقة هو وإخوتي، وبعد أن قطعها دار عني لماذا لا تنظفي كم لك من مدة لم تغسلي النوافد هل غسلت في حياتك الحيطان؟ بخيل منذ البداية والآن أكثر حتى في المشاعر لا يعطيني مالا فأنا في غربة وهو يغيب باليوم، لا يحترمني أمام أهله قام بالعقيقة وأنا عند أهلي وعندما رجعت وجدتهم طبخوا منها يعني أنا آخر من يعلم، كذبني أمام أهله والآن هو يخاصمني وينام وحده و لا يكلمني لأنه عندما كنا نمشي قلت له قل لي شيئا جميلا أريد أن أفرح فأنا أحس بعدم الأمان ممكن أن نفترق. فبدأ يزعجني ثم قال" بصراحة في يوم ما سوف أبعثك إلى أهلك، فتوقفت وقلت هيا فخاف وعدنا إلى البيت لا نكلم بعضنا، لا ينام بجانبي لا يأكل معي وكأنه هو المتأذي فهو معتاد مني المصالحة أنا تعبت هو إنسان طيب لكن لا يفهمني. انجدوني بهذه الطريقة سوف أجن ما العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبعد النظر في تفاصيل سؤالك ظهر لنا أن غالب الأمور التي تسبب بينكم الخلاف والشقاق ترجع إلى سفاسف الأمور ولعاعات الدنيا التي يقبح بالمسلم أن يشتغل بها فضلا عن أن يعادي الناس ويهجرهم بسببها، فالذي ننصحكم به عموما أن تغضوا الطرف عن هذه الأشياء وأن يتغافل كل طرف من الأطراف عما يحدث من صاحبه، وأن يسود بينكم خلق العفو والصفح، فقد ذكر الله سبحانه أن هذا من صفات أهل الإيمان بقوله: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ. {الشورى: 37}.

وأما ما يقوم به زوجك من إهانتك أمام أهله فهذا لا يجوز، ولا يجوز له أيضا أن يهجرك بلا سبب، ولا أن يهددك بالطلاق بلا مسوغ، ولا أن يعادي أهلك ويقطعهم، فكل هذا منهي عنه لمخالفته لما أمر الله به الأزواج من معاشرة أزواجهم بالمعروف، وليذكر الزوج أن كلا من الهجر والتدابر بين المسلمين محرم، فقد روى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال. رواه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري ومسلم.

ومما يبين أثر الخصام القبيح ويحفز على إصلاح ذات بين المسلمين ما ورد من عدم المغفرة للمتخاصمين حتى يصطلحا فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بيه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا. رواه مسلم.

ثم إن قدر وحدث بين زوجك وبين أهلك شيء من الخلاف فلا يجوز له أن يمنعك منهم بسبب خلافه معهم. جاء في التاج والإكليل: وفي العتبية ليس للرجل أن يمنع زوجه من الخروج لدار أبيها وأخيها ويقضي عليه بذلك خلافا لابن حبيب. انتهى.

وفي منح الجليل: إن وقع بينه وبين أخي امرأته كلام فليس له منعه منها. انتهى.

والذي ننصحك به أيتها الأخت السائلة أن تتحلى بالصبر على زوجك وعلى أهله ابتغاء مرضات الله فقد قال تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ. {الزُّمر:10}. وعليك أن تبذلي جهدك ووسعك لاستصلاح زوجك واسترضائه، وأعظم الأسباب التي تعينك على ذلك هو أن تبتعدي عن كل ما يثيره أو يضايقه وحبذا لو تخيرت ساعة يصفو فيها لك ففاتحيه في حقك عليه وما تجدينه في صدرك منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني