الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صلى المغرب خلف من يصلي العشاء وعند قيام الإمام للرابعة سلم ثم لحق به في العشاء

السؤال

صلى المغرب خلف إمام يصلي العشاء مع المغرب جمع تقديم، وعند قيام الإمام للرابعة سلم ولحق به في العشاء. ما حكم صلاتيه المغرب والعشاء؟ وشكرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والراجح عندنا هو مذهب الشافعية، وأن كلتا الصلاتين صحيح، ولكن شرط جواز ذلك في الصورة المسؤول عنها أن يوجد سبب يبيح الجمع لكل من الإمام والمأموم، وقد فصلنا الأسباب المبيحة للجمع في الفتوى رقم: 6846، ومذهب الشافعية أنه لا حرج في أن يصلي صلاة خلف من يصلي أطول منها أو أقصر، فإذا كانت الصلاة أطول كمن يصلي المغرب خلف العشاء فهو مخير بين أن يجلس وينتظره حتى يسلم معه وهذا أفضل، وبين أن ينوي مفارقته ويسلم لنفسه، فإذا نوى مفارقته وسلم لنفسه لم يكن عليه حرج في الالتحاق به في الصلاة الأخرى.

قال النووي في المجموع: وإن كان عدد ركعات المأموم أقل كمن صلى الصبح خلف رباعية أو خلف المغرب أو صلى المغرب خلف رباعية ففيه طريقان حكاهما الخراسانيون أصحهما وبه قطع العراقيون جوازه كعكسه. والثاني حكاه الخراسانيون فيه قولان: أصحهما هذا، والثاني: بطلانه لأنه يدخل في الصلاة بنية مفارقة الإمام، فإذا قلنا بالمذهب وهو صحة الاقتداء ففرغت صلاة المأموم وقام الإمام إلى ما بقي عليه فالمأموم بالخيار إن شاء فارقه وسلم وإن شاء انتظره ليسلم معه والأفضل انتظاره. انتهى.

وقد انتصر العلامة العثيمين لهذا القول وبين وجهه بيانا حسنا فقال رحمه الله ما عبارته: الصحيح أن الإنسان إذا جاء والإمام في صلاة العشاء، سواء كان معه جماعة أم لم يكن، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب، ولا يضر أن تختلف نية الإمام والمأموم لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. فإن دخلوا معه في الركعة الثانية سلموا معه، لأنهم يكونون صلوا ثلاثاً، ولا يضر أن يكون جلسوا في الركعة الأولى، وإن دخلوا معه في أول ركعة، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا وتشهدوا وسلموا، ثم دخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء.

القول الثاني في المسألة: أن يدخلوا معه بنية العشاء، ويصلوا بعده المغرب ويسقط الترتيب هنا مراعاةً للجماعة.

القول الثالث: أن يصلوا وحدهم صلاة المغرب، ثم يدخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء، والقولان الأخيران فيهما محذور، أما الأول فمحذوره فوات الترتيب حيث قدم صلاة العشاء على صلاة المغرب، وأما الثاني فمحذوره إقامة جماعتين في مسجد واحد وفي آن واحد، وهذا تفريق للأمة.

أما القول الأول الذي ذكرنا أنه الصحيح، فربما قال قائل إن فيه محذوراً وهو تسليم هؤلاء قبل أن يسلم إمامهم، وهذا في الحقيقة ليس فيه محذور، فقد ورد انفراد المأموم عن الإمام في مواضع من السُّنَّة، منها: صلاة الخوف، فإن الإمام يصلي بهم ركعة ثم يتمون لأنفسهم وينصرفون.

ومنها: قصة الرجل الذي دخل مع معاذ بن جبل رضي الله عنه، فلما بدأ بسورة البقرة أو سورة نحوها انفصل عنه ولم يكمل معه.

ومنها: أن العلماء قالوا: لو أن الإنسان أثناء الصلاة وهو مأموم ثارت عليه الريح (الغازات) أو احتاج إلى نقض الوضوء ببول أو غائط، فإنه لا بأس أن ينوي الانفراد ويكمل صلاته وينصرف، فهذا يدل على أن الانفراد لحاجة لا يعتبر محذوراً. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني