الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الراجح عدم الجهر في الصورتين المسؤول عنهما

السؤال

مشايخنا الكرام بارك الله فيكم، وجزاكم خير الجزاء. سؤالي بارك الله فيكم إذا أدركت الصلاة في الركعة الثانية في صلاة المغرب مع الركوع ولم أدرك قراءة الإمام هذه أول ركعة لي وأصلي مع الإمام ركعة ثالثه للإمام الثانية لي، وعندما ينتهي الإمام من صلاته وجب علي القيام لإتمام صلاتي بركعة ثالثة، فإذا اقتدى رجل بي أي جعلني إماما في الركعة الثالثة لي الأولى له هل أجهر بالقراءة أم لا؟
وماذا لو أدركت الإمام في صلاة العشاء في الركعة الثالثة وصليت معه ركعتين وبعد انتهاء الإمام ائتم بي رجل فأصبحت في الركعة الثالثة لي الأولى له هل أجهر بالقراءة في الركعتين أم لا مع ذكر الدليل.. وجزاكم الله خيراً، أريد من فضيلتكم ذكر بعض الكتب التي تتحدث عن الصلاة متي يسر المصلي ومتى يجهر وما يعرض للمصلي من أمور ربما تكون مفاجئة له لا يعرف الحكم فيها. وجزاكم الله خيراً وأحسن إليكم وبارك الله فيكم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المسألة إحدى ثمرات الخلاف في مسألة ما يدركه المسبوق مع الإمام هل هو أول صلاته أو آخرها؟ فمن قال إن ما يدركه مع الإمام هو آخر صلاته كالمشهور في مذهب أحمد استحب الجهر فيما يقضيه المأموم من الركعات لأنها أول صلاته.

ومن قال إن ما يدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاته لم يستحب له الجهر فيما يقضيه من الركعات، وهذا قول الشافعي والرواية الأخرى في مذهب أحمد.

قال المرداوي في الإنصاف في بيان ثمرات الخلاف في هذه المسألة: ومنها صفة القراءة في الجهر والإخفات فإذا فاتته ركعتان من المغرب والعشاء جهر في قضائهما من غير كراهة نص عليه في رواية الأثرم، وإن أم فيهما وقلنا بجوازه سن له الجهر بناء على المذهب -أي على القول بأن ما يدركه المأموم مع الإمام هو آخر صلاته- وعلى الثانية لا جهر هنا. انتهى.

والراجح أن ما يدركه المأموم مع إمامه هو أول صلاته لا آخرها، ومن ثم فلا يستحب الجهر في الصورة المذكورة.

قال الشوكاني في شرح المنتقى في شرح قوله صلى الله عليه وسلم: (وما فاتكم فأتموا): قال الحافظ: والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ (فأتموا) وأقلها بلفظ (فاقضوا) وإنما يظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين التمام والقضاء مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحدا واختلف في لفظه منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى وهذا كذلك لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائتة غالباً لكنه يطلق على الأداء أيضاً ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا. ويرد لمعان أخر فيحمل قوله هنا فاقضوا على معنى الأداء والفراغ فلا يغاير قوله (فأتموا) فلا حجة لمن تمسك برواية فاقضوا على أن ما أدركه مع الإمام هو آخر صلاته حتى يستحب له الجهر في الركعتين الآخرتين وقراءة السورة وترك القنوت بل هو أولها، وإن كان آخر صلاة إمامه لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه، وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال فلو كان ما يدركه مع الإمام آخراً له لما احتاج إلى إعادة التشهد وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور، فإنهم قالوا: إن ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين. انتهى بتصرف يسير، وبه يتبين لك أن الراجح هو عدم الجهر في الصورتين المسؤول عنهما لما مر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني