الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجكِ أخطأ في حقكِ عدة أخطاء

السؤال

تقدم لخطبتي شاب يقطن بأمريكا، فوافق عليه أبي لكونه يعرفه مسبقا، والجميع يشهد له بالخير وبأنه شاب طيب متق لله متدين يمكن لي أن أعيش معه عيشة سعيدة.
بعد مرور أربعة أشهر من فترة الخطبة، وكنا نتحدث خلالها عبر الماسنجر، عاد من أمريكا وتزوجنا دون أن أقيده بشروط، لم أحدّد له المَهر ولم أطلب منه ما تطلبه الفتيات في هذا العصر، قدّرت ظروفه حتى يجعل الله لنا البركة في هذا الزواج.
بعدها دخل بي وقضيت معه شهرا في منزل والديه على أساس أنني سأعود للعيش مع والديّ بعد رجوعه إلى حين الالتحاق به.
لكن للأسف ما إن عاد حتى بدأت المشاكل، لم تتقبّل أمه أنني سأقطن مع والدي وطلب مني أن أعود لأسكن معها، فوافقت مع العلم أنني كنت رافضة تماما وكان هذا هو شَرطي قبل الزواج لكي أتفادى المشاكل التي تقع بين العروس وحماتها ولكن للأسف وافقت لأن زوجي كان مصرا، لكن بعد عودتي تغيرت معاملة زوجي لي، لم يعد يتصل بي إلا قليلا وحين نتحدث نتشاجر، كنت أقوم بكل ما يطلبه مني لكنه لا يقنع. ماذا يجري من ورائي، لم يعد يصدقني في أي شيء، أمّا والدته فكنت أعمل جهدي حتى أرضيها و كنت أقوم بجميع الأعمال المنزلية وأسهر على راحتها لكنها كانت تبتسم في وجهي وتحفر لي من ورائي، كانت تخبر ابنها أنني لا أصلح لشيء وأنني لن أنفعه في المستقبل، وكانت تكذب بشأني في كثير من الأمور مما جعله ينفر مني ويتغير من جهتي، لم أعد أستطيع التحمل، لم يكن يرسل لي المصروف وكنت أصرف من مهري، لم يكن يتصل بي ويسأل عني حتى و لو مرضت، أمه كانت تعاملني بجفاء، كنت أعيش معهم كالخادمة لا حقوق لدي، في الأخير قررت أن أرجع لأعيش مع والدي لأني قد تعبت فعلا. حينها اتصل به والدي لكي يناقش معه الأمر لكن من بعد تلك المكالمة انقطعت أخباره، نحاول الاتصال به لكن بدون فائدة، وبعد مرور شهرين ونحن على هذه الحال علمت عن طريق أحد أصدقائه أنه بدأ في إجراءات الطلاق دون علمي ودون أن يتكلم معي أو يناقش الأمر معي، لم يعد يريد التحدث معي أو سماع صوتي ولا أعرف لماذا؟ مع العلم أنني كنت أحبه جدا وأفعل كل ما يطلبه مني بالحرف الواحد وكنت أقدر ظروفه و لم أكن أطلب منه أي شيء، أتساهل معه حتى في أبسط حق من حقوقي. الآن أنا لا أعرف ماذا يجري ورائي لا متزوجة ولا مطلقة، وأشعر بخيبة أمل كبيرة، لا أعرف ماذا أفعل وأطلب منكم جزاكم الله خيرا أن تعطوني رأيكم هل هو على صواب في ما فعل؟ ما هو خطئي؟ لقد تعبت في هذا الوضع، إنني أصلي و أقرأ القرآن وأدعو الله أن يصبرني وأن يجمعنا مرة ثانية إن كان فيه خيرا، و في ليلة من الليالي قرأت سورة البقرة قبل أن أنام ودعوت بعض الأدعية ليفك الله كربتي فحلمت أن سيدنا جبريل جاء عندي و هو مستبشر وطمأنني و أحسست براحة عجيبة واستيقظت على آذان الفجر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواجب على الزوج أن يوفر لزوجته مسكنا مستقلا تأمن فيه على خصوصياتها وأسرارها، ولا يجوز له أن يسكنها مع أهله إلا إذا رضيت بذلك أما رغما عنها فلا، وما دمت قد اشترطت على زوجك قبل الزواج أن تسكني فترة غيابه مع أهلك فالواجب عليه أن يوفي بشرطه ولا يجوز له أن يجبرك على الإقامة مع أهله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج. ولقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم.

وقد ورد عند الأثرم بسنده: أن رجلا تزوج امرأة، ثم إنه شرط لها دارها، ثم أراد أن ينقلها عن هذه الدار فخاصموه إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: لها شرطها. مقاطع الحقوق عند الشروط.

وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 121621.

من هنا يظهر أن زوجك قد أخطأ في عدة مواطن، منها: ترك الوفاء بالشرط كما بيناه، ومنها انقطاعه عنك وتركك هكذا بغير سؤال أو اتصال، ومنها: ترك النفقة الواجبة عليك حتى اضطررت أن تنفقي على نفسك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت. رواه أبو داود وغيره وحسنه الألباني، وقد بينا في الفتوى رقم: 19453. أن نفقة الرجل على زوجته بالمعروف واجبة عليه وجوبا متأكدا.

وهذا كله لا يجوز، وعلى ذلك فإنا ننصحكم بتوسيط أهل الخير بينكم وبينه ممن يقدر على الاتصال به ويملك التأثير عليه لينصحوا له ويذكروه بالله وحقوق زوجته عليه، فإن استجاب ورجع فبها ونعمت، وإن أصر على التفريط في الحقوق فيجوز لك حينئذ رفع الأمر إلى القضاء ليطقلك منه ويلزمه برد حقوقك إليك.

ونوصيك بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا أن يصلح بينك وبين زوجك وأن يؤلف بين قلوبكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني