الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأولى لا يقع فيها الطلاق والثانية وقع بها طلقة واحدة

السؤال

أنا مقيم حاليا بماليزيا، أريد من فضيلتكم فتوى مستعجلة، بارك الله فيكم في التبين من وقوع الطلاق فيما حصل بيني وبين زوجتي. ملخصه ما يلي: حصل خلاف بيننا حول تصرفات للأولاد يتمثل في لبس البنت لسراويل ضيقة على الجسم وهي نفسها التي تلبسها النساء في الحيض وهي قد بلغت سن البلوغ وهذا في البيت طبعا، والأولاد هم ربائبي فأبوهم متوفي، وآخر ما كان من الحوار الحاصل كان على النحو التالي: الزوجة: لا علاقة لك بالأولاد. الزوج: إن لم يكن لي علاقة فسننفصل. الزوجة: فليكن إن شئت. الزوج: إذن أنت مطلقة.
مع العلم أن نية الزوج وقصده إيقاع الطلاق عند مشيئة الزوجة من جهة، ومن جهة أخرى إن لم يقع ما أمر به، والعكس صحيح . فهل يقع الطلاق فيكون آخر الطلقات الثلاث؟ أم يعتبر معلقا على شرط حيث العبارة في القصد هي كالتالي: إن لم يقع ما أريد أطلق. إن لم يقع ما أريد أنت إذن مطلقة. فبنى التطليق تباعا لمقتضى جوابها وهو عدم التدخل في تصرفات الأولاد وبعدها تلفظ بها لمشيئتها مع العلم أن بعدها تبين أن الزوجة لم تكن تريد الطلاق. أما بالنسبة للزوج فإنه لما تلفظ بها أحس كأنه دفع لذلك، ولم تكن له رغبة من البداية، فلو صمتت الزوجة عند قولها إن شئت لما حصل ما حصل وما جرى إلا ليمنع وجود هذه التصرفات. أفيدونا رحمكم الله عاجلا فأنا في بلاد الغربة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالسؤال فيه غموض، والذي فهمناه أنّك في نقاشك مع زوجتك قد تلفظت بجملتين: الأولى: إن لم يكن لي علاقة فسننفصل، والثانية: إذن أنت مطلقة.

فإذا كان الحال كما فهمنا، فالجملة الأولى ليس فيها تعليق للطلاق، وإنما هو وعد لزوجتك بالطلاق إذا رفضت تدخلك في شئون أولادها، فإذا كان كذلك فلا يترتب على هذه الجملة طلاق.

أمّا الجملة الثانية فقد وقع بها طلقة واحدة، ولا عبرة باندفاعك وغضبك ما دمت قد تلفظت بها مدركاً لما تقول، وسواء كان قصدك إيقاع الطلاق أو تهديدها، لأنّ هذه الصيغة: (أنت مطلقة) صيغة صريحة في الطلاق المنجز أي غير المعلق فتقع من غير نية، قال في الشرح الكبير(حنبلي): وجملة ذلك أن الصريح لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد فمتى قال أنت طالق أو مطلقة أو طلقتك وقع من غير نية بغير خلاف. الشرح الكبير لابن قدامة.

فإذا كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية فلك مراجعة زوجتك ما دامت في العدة وهي ثلاث حيضات ، والرجعة تكون بالقول أو بالفعل وانظر الفتوى رقم :54195.

وأمّا إذا كانت هذه هي الطلقة الثالثة، فإنّ زوجتك قد بانت منك ولا تحل لك حتى تتزوج زواجاً صحيحاً ثم تطلق بعد الدخول.

والذي ننصحك به هو الرجوع للمحكمة الشرعية وبيان الأمر لهم ليفصلوا فيه، فإنّ لم يتيسر ذلك فلتعرض الأمر على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بهم في بلدكم.

وننبّهك إلى أنّه لا ينبغي لك استعمال ألفاظ الطلاق للتهديد، وإنّما عليك أن تتعامل مع زوجتك بالحكمة وتسلك معها وسائل الإصلاح المشروعة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني