الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تكرار السورة بعد الفاتحة في الركعة أو الركعتين

السؤال

إعادة قراءة السورة بالصلاة المكتوبة والنافلة وتكرارها باليوم. تفصيل موجز أثابكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما تكرار السورة بعد الفاتحة في الركعتين فقد ذهب بعض العلماء إلى كراهته، قال في مواهب الجليل: وكراهة تكرار السورة في الركعة الثانية فمن قرأ في الركعة الأولى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} (الناس:1) يقرأ في الثانية سورة فوقها ولا يكررها, وقيل: يعيدها. قال: والصواب الأول ; لأن المشهور عدم كراهة فعل ذلك خلافا لابن حبيب والمشهور كراهة تكرير السورة" انتهى، وخص المالكية الكراهة بالفريضة فجوزوا تكرار السورة في النافلة في الركعتين بلا كراهة، قال في الشرح الصغير، "( وَكُرِهَ تَكْرِيرُهُمَا ) أَيْ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَلْ الْمَطْلُوبُ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةٌ غَيْر الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى أَنْزَلُ مِنْهَا لَا أَعْلَى فَلَا يَقْرَأُ الثَّانِيَةَ [ إنَّا أَنْزَلْنَاهُ ] بَعْدَ قِرَاءَتِهِ فِي الْأُولَى [ لَمْ يَكُنْ ] مَثَلًا .( بِفَرْضٍ ) : لَا نَفْلٍ فَلَا يَجُوزُ تَكْرِيرُهَا ( كَسُورَتَيْنِ ) : أَيْ كَمَا يُكْرَهُ بِالْفَرْضِ قِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ ، وَجَازَ بِالنَّفْلِ قِرَاءَةُ السُّورَتَيْنِ وَالْأَكْثَرُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. انتهى

وذهب بعض الفقهاء إلى جواز ذلك وإباحته مطلقا وهو الأقرب إن شاء الله لموافقته الحديث.

قال ابن قدامة في المغني: وإن قرأ في ركعة سورة ثم أعادها في الثانية فلا بأس لما روى أبو داود بإسناده عن رجل من جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح إذا زلزلت في الركعتين كلتيهما. انتهى

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: وهنا سؤال: هل يجوز أن يقرأَ الإِنسانُ بالسُّورةِ في الرَّكعتينِ بمعنى أنْ يكرِّرها مرَّتين؟ الجواب: نعم، ولا بأس بذلك، والدَّليلُ فِعْلُ النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أنه قرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ} في الرَّكعتين جميعاً كرَّرها لكن؛ قد يقول قائل: لعلَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم نَسِيَ؛ لأنَّ مِن عادته أنه لا يُكرِّر السُّورة. والجواب عن هذا: أن يُقال: احتمالُ النسيانِ وارد، ولكن احتمال التشريع ـ أي: أن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كرَّرها تشريعاً للأمة ليبيِّن أن ذلك جائز ـ يُرجَّح على احتمالِ النسيان؛ لأنَّ الأصلَ في فِعْلِ الرسول عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ التشريعُ، وأنه لو كان ناسياً لَنُبِّهَ عليه، وهذا الأخيرُ ـ أي: أنَّ ذلك مِن باب التشريع ـ أحوطُ وأقربُ إلى الصَّوابِ. انتهى

وأما تكرار السورة في الركعة الواحدة، فقد كرهه المالكية في الفرض دون النفل.

قال الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: وَقَدْ وَرَدَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ تَكْرِيرِ السُّورَةِ كَالصَّمَدِيَّةِ فِي الرَّكْعَةِ وَظَاهِرُ مَا وَرَدَ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ فِي النَّفْلِ ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَوَائِدِ ، وَلِذَلِكَ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ الْجَوَازُ فِي النَّفْلِ. انتهى

ولا نعلم في نصوص السنة ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر سورة مرتين في ركعة واحدة وبخاصة في الفريضة فإن مبناها على التخفيف، ومن ثم فالقول بأن هذا خلاف السنة قول متجه، وأما تكرار الفاتحة في الركعة الواحدة فهو مكروه ومن العلماء من أبطل الصلاة به، قال في الإنصاف: "قوله: "ويكره تكرار الفاتحة".هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقطع به كثير منهم وقيل تبطل وهو رواية في الفائق وغيره وأطلقهما في الرعاية الكبرى. انتهى

وأما المداومة على قراءة سورة معينة مع اعتقاد جواز غيرها فجائز، وقال بكراهته بعض العلماء.

قال في الإنصاف: ومنها : قال في الفروع: وظاهر كلامهم لا يكره ملازمة سورة مع اعتقاد جواز غيرها قال: ويتوجه احتمال وتخريج يعني بالكراهة لعدم نقله.قلت: وهو الصواب. انتهى

ويدل للجواز خبر الصحابي الذي كان يداوم على قراءة الإخلاص بعد الفاتحة في كل ركعة وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني