الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القصاص من لطمة ونحوها

السؤال

قامت مشادة كلامية بين أبي وبين أحد الشبان يعمل في البلدية، وقاموا بشتم بعضهم البعض، ولكن الشاب تمادى وقام بضرب أبي البالغ من العمر 58 سنة، ولم يقدر أبي أن يدافع عن نفسه، فما الحل؟ لأنني حتى اليوم لا تذهب هذه الحادثة من مخيلتي، فلو قمت بضرب الشاب الذي ضرب أبي بالمثل هل علي ذنب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في قبح ما قام به هذا الشاب مِن ضرب مَن أمره الشرع بتوقيره لكبره، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وصححه الألباني.

وقد أذن الله تعالى لمن اعتُدي عليه في الرد بالمثل، فقال: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة: 194} وقال: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا {الشورى: 40} ومع هذا فقد فضَّل سبحانه وتعالى العفو والإصلاح فقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى: 40}.

ثم إن استيفاء القصاص لا بد أن يكون عند سلطان أو قاض شرعي، ولا يحق للمجني عليه أو أوليائه أن يقتصوا بأنفسهم من الجاني، لما قد يترتب على ذلك من الفوضى وشيوع التعدي، وراجع في ذلك الفتويين: 46876، 67760.

ثم ننبه السائل على أن الجناية بنحو الضربة أو اللطمة التي لا تحدث جرحا أو تذهب منفعة عضو لا قصاص فيها عند جمهور الفقهاء، لعدم إمكانية المماثلة المذكورة في الآيات السابقة، جاء في الموسوعة الفقهية: يرى جمهور الفقهاء أنه لا قصاص من لطمة على الخد إذا لم ينشأ عنها جرح ولا ذهاب منفعة، بل فيها التعزير، لأن المماثلة فيها غير ممكنة... اهـ.

وعلى ذلك فليس من سبيل أمام والد السائل إذا أراد معاقبة المخطئ وأبى العفو، إلا أن يرفع أمره للقضاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني