الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الأخ من أخيه إذا تزوج بامرأة تكبره عرفيا

السؤال

أخي 25 سنة، تزوج عرفيا من امرأة تكبره بأكثر من 20 سنة، وأحضرها للإقامة في بيت أمي، ويصر على عدم إصلاح وضع الزواج، فكيف أعامله أو كيفية التعامل معه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزواج العرفي يطلق بإطلاقات:

أحدها: يطلق على الزواج الذي لم يسجل في المحكمة، وهذا الزواج إن اشتمل على الأركان والشروط المبينة في الفتوى رقم: 1766، وعدمت فيه الموانع فهو زواج صحيح، وإن كان الأولى تسجيله في المحكمة، لأنه قد يترتب على عدم التسجيل مفاسد كثيرة كضياع الحقوق عند التنازع ونحو ذلك، وربما تمكن أحد الزوجين -وقت الشقاق- من أخذ الأوراق العرفية وتمزيقها وإنكار الزواج، وهذه التجاوزات كثيراً ما تحصل.

الثاني: يطلق على صورة محرمة منكرة يقع فيها بعض الناس وهي أن يلتقي الرجل بالمرأة ويقول لها زوجيني نفسك فتقول زوجتك نفسي، دون وجود ولي أو شهود بل يكتبان بذلك ورقة، ويعاشرها بعد ذلك معاشرة الأزواج بحجة أنهما متزوجان زواجاً عرفياً، فهذه الصورة ليست زواجاً شرعيا بل هي محض زنا وعلى من فعل ذلك التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وفسخ هذا النكاح، وإذا أراد الزواج من هذه المرأة بعد ذلك فليتزوج بها وفق الضوابط الشرعية المعتبرة في الزواج بعد الاستبراء.

الثالث: صورة محرمة منكرة لكنها دون السابقة وهي الزواج بوجود شهود لكن بغير ولي وهذه قد ذهب جمهور العلماء إلى تحريمها خلافاً للأحناف الذين أجازوها وكلامهم في هذا ضعيف مرجوح.

فإن كان أخوك قد تزوج زواجاً عرفياً بمعنى أنه ينقصه فقط التوثيق ولكنه مستوف للشروط والأركان فهذا لا حرج فيه ولا تثريب عليه في ذلك، كما أنه لا حرج عليه من التزوج بامرأة تكبره في السن فقد تزوج رسول الله بأم المؤمنين خديجة وكانت تكبره بسنين كثيرة.

أما إن كان قد تزوج بلا ولي ولا شهود فهذا زواج باطل، كما بيناه، والواجب عليك أن تنصح له وتذكره بالله كي يفسخ هذا النكاح الباطل، فإن لم يستجب لك فأعلم بذلك من يملك التأثير عليه من قريب أو صديق ولا تمل من تذكيره ونصحه، فإن أصر على هذا الإثم فلك حينئذ هجره لأن هجر أصحاب المعاصي المصرين عليها من شعب الإيمان، وهو واجب أو مستحب على خلاف بين أهل العلم، بيناه في الفتوى رقم: 119581.

قال في الفواكه الدواني: وإنما يقتصر المكلف على هجران المجاهر إذا كان (لا يصل إلى عقوبته) أي لا قدرة له على زجره عنها إذا كان لا يتركها إلا بالعقوبة (ولا يقدر على موعظته) لشدة تجبره، أو يقدر لكن (لا يقبلها) لعدم عقل ونحوه، وأما لو كان يتمكن من زجره عن مخالطة الكبائر بعقوبته بيده إن كان حاكماً أو في ولايته أو برفعه للحاكم أو بمجرد وعظه لوجب عليه زجره وإبعاده عن فعل الكبائر، ولا يجوز له تركه بهجره، والحاصل أن المتجاهر بالكبائر لا يجب ههجرانه مع بقائه على مخالطة الكبائر إلا عند العجز عن زجره. انتهى.

أما إن كان قد تزوجها بشهود ولكن دون ولي فهذا زواج باطل أيضاً -على الراجح من كلام أهل العلم- فعليك أن تعلمه بذلك، ولكن إن كان فعله هذا ليس لمجرد هوى ولكن تقليداً لأهل العلم الذين يرون ذلك فلا حرج عليك حينئذ في تركه وما اختار بعد أن تبين له وجه الصواب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 110722.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني