الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الكناية التي يحصل بها الطلاق

السؤال

أرجو الإفادة لأني في نكد شديد، فانا أعيش مع أهلي في المنزل وهناك مشاكل كثيرة بين زوجتي ووالدتي مما كان يجعلني أحيانا أشعر بالضيق من ناحية زوجتي، فأحيانا كنت أفكر في أن أطلقها، ولكني أمنع نفسي نظرا لأنها ليس لها أحد غيري، فأهلها متوفون، وعائلها هو عمها وأنا لا أعرف عن الطلاق إلا لفظة أنت طالق، ووالله الذي لا إله إلا هو لا أعرف غير هذه اللفظة، ولكني سمعت عما قريب ما يسمى بطلاق الكناية وألفاظه التي أستخدمها كثيرا مع زوجتي مثل (أنا لا أريدك وخليك عند أهلك وروحي لأهلك) ولا أنكر أني كان بداخلي رغبه في الانفصال ولكني لم أستخدم اللفظ الصريح، وعلمت أن طلاق الكناية يحتاج إلى النية، ولكني لست متأكدا من النية تارة أقول إني كنت أريد الطلاق، وتارة أقول لا لأني لا أعرف إلا الطلاق الصريح، ولو كنت أريد الطلاق لطلقت بما أعرفه من ألفاظ فأنا في حيرة لأن هذه الألفاظ تكررت معي أكثر من ثلاث مرات. والله فأنا دائما أخاف أن أنطق بلفظ الطلاق الصريح لما له من عواقب وأنا الآن متشكك في نيتي، ولكني متأكد أني بعد أن قلت هذه الألفاظ لم أتخذ أي إجراء طلاق، ولم أعرف أن هذه الألفاظ من الممكن أن تكون طلاقا، فمثلا حينما قلت لزوجتي أنا لا أريدك فأنا بداخلي رغبة في الانفصال ولكن لم أقل لا أريدك بمعنى أنت طالق، ولكن أعني لا أريدك أي من الممكن أن نطلقها، ولكن باقي الألفاظ لا أعلم نيتي أو متشكك في نيتي وقتها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالطلاق لا ينحصر وقوعه في اللفظ الصريح بل يقع بالكناية أيضا، وهي كل لفظ يدل على الفرقة نحو لا أريدك أو الحقي بأهلك ... ولكن الكناية لا يحصل بها الطلاق إلا مع نية إزالة العصمة. قال ابن قدامة في المغني: إذا ثبت أنه يعتبر فيه اللفظ، فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية: فالصريح يقع به الطلاق من غير نية، والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه أو يأتي بما يقوم مقام نيته. انتهى.

ولا يقع الطلاق كناية إلا بالتحقق من حصول النية مقارنة للفظ، فمن شك هل نوى الطلاق أم لم ينوه فلا يلزمه شيء لأن الأصل بقاء العصمة حتى يحصل يقين بانقطاعها قال ابن قدامة أيضا: وإذا لم يدر أطلق أم لا فلا يزول يقين النكاح بشك الطلاق، وجملة ذلك أن من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن النكاح ثابت بيقين فلا يزول بشك. انتهى وراجع المزيد في الفتوى رقم: 132586.

وبناء على ما تقدم فلا يلزمك طلاق كما أن تجنبك للفظ الصريح خوف الوقوع في الطلاق هو دليل كاف في أنك لم تكن تقصد الطلاق بما ذكرته من ألفاظ.

وننصحك بعدم اللجوء لألفاظ الطلاق في المستقبل فقد يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه وتندم حين لا ينفع الندم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني