الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس الكفر لا يؤاخذ بها المرء ما دام ينفر منها ويدافعها

السؤال

قرأت عدة فتاوى عن من يسب الذات الإلهية وأن ذلك يؤدي إلى فسخ عقد النكاح إذا كان ذلك الشخص متزوجا، لكن في حال توبته ترجع له زوجته، لكن إذا كان ذلك قبل الدخول يفسخ العقد في الحال وتجب التوبة وعقد جديد، لكن إذا تاب فقط ورجع لزوجته قبل العدة ما حكم عشرته معها هل تكون حراما؟ وأنا أريد أن أقول ما هو حالي أنا المريض بالوسواس القهري بكل ما تتصور من قباحة في الذات الإلهية بالأفكار والأفعال والأقوال، أنا لا أستطيع ردع ذلك وهو معي من 10 سنوات إلى الآن، وقبل خطبتي وقبل زوجي وبعد زواجي هل بينطبق علي حكم المرتد في فسخ العقد؟ أنا أصبحت لا أستطيع تحمل ما أنا فيه هل هو كفر أو ليس كفرا وزنا، والله لا أستطيع، لا تقل إنني لم أكفر وأن ذلك بسبب الوسواس أنا أصبحت لا أميز بين ما هو كفر أو ليس كفرا وما هو وسواس وما هو ليس وسواسا، أنا أريد أن أعرف إلى أين مصيري، أنا دائما أشعر أنني أكفر أهل الأرض من سيدنا آدم، كلما أتفكر بعظمة الخالق أشعر بالضيق مما يحصل معي من أشياء كفرية والله لا يعلم بها إلا الله من قباحتها، وكلما قرأت عن من يسب الذات والألهية أشعر بالضيق والمرارة، أنا أصبح عندي اكتئاب جسيم من خلف ذلك، وكل الفتاوى في ذلك تفتي أن الشخص الذي يكفر يجب تجديد عقده فأقول في نفسي هل أنا كفرت أم ماذا حصل معي! دائما أشعر أني حتى مع زوجتي حرام، أنا أصبحت لا أطيق نفسي. أرجوكم لا أريد فتاوى أخرى أريد فتوى لي أنا بالذات.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا نسأل الله تعالى أولا أن يذهب عنك هذه الوساوس، وأن يفرج كربك إنه سبحانه سميع مجيب.

ثم إننا ننصحك بأن تهون على نفسك وتكثر من دعاء ربك. فهو القائل سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ. {غافر:60} .

وإذا كنت كما ذكرت تهجم عليك هذه الوساوس ولا تستطيع التحكم فيها فأنت لست مؤاخذا بتصرفاتك ولا تكفر بذلك، وكيف تكفر وأنت تكره وتخاف وتنفر من هذه الوساوس الشيطانية، وذلك علامة على صحة الاعتقاد، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.

قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان وبوساوس الكفر التي يضيق بها صدره كما قال الصحابة : يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لئن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال : ذاك صريح الإيمان ، وفي رواية : ما يتعاظم أن يتكلم به : قال : الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه فهذا أعظم الجهاد، والصريح الخالص كاللبن الصريح، وإنما صار صريحا لما كرهوا تلك الوساوس. اهـ .

وبهذا تعلم أن الزوجية بينك وبين زوجتك قائمة، ولا تلتفت إلى أي وساوس قد تخطر على قلبك بهذا الخصوص.

واعلم أن الوسواس القهري يمكن علاجه وهو يسير على من يسره الله عليه فما عليك إلا أن تجتهد في ذلك. وراجع الفتوى رقم: 51601. ففيها بعض سبل العلاج.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني