الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقع السؤال في القبر والفتنة على من لم يسمع بالنبي

السؤال

ما الغاية من الوجود والكون ؟ ما غاية وجودنا ؟ أعلم أن الجواب سيكون الآية الكريمة: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) آمنت بالله ... ولكن هل الله بحاجة لعبادتنا؟ الجواب: لا ... إذن يعود السؤال مرة أخرى .. ما الغاية من الخلق؟ إعمار الأرض ؟ ما معنى إعمار الأرض إذا كان كل شيء ليس في الأرض بل في الكون سينتهي يوم القيامة؟ والعذاب في يوم القيامة للكفار لماذا أبدي ( بلانهاية ) وهم قد عاشوا سنوات قليلة مليئة بالمصائب والفقر والألم والأمراض؟ ألا يمكن أن يكون العذاب لفترة معينة؟ وماذا عن ملايين الناس الذين ماتوا ولم يأتهم نبي أو لم يسمعوا بالإسلام أو ربما سمعوا به عرضا هل سيعذبون إلى الأبد أيضا ؟ ما ذنبهم ؟ والحديث الشريف الذي يتحدث عن القبر والسؤال فيه ... هل يسأل الياباني أو الصيني أو غيره من الشعوب الذين ربما لم يسمعوا باسم النبي (ص) هل يسألوا (( ماذا تقول عن الرجل الذي بعث فيكم ))؟؟؟!!!! وشكرا وآسف على الإطالة لأن هذه الأسئلة تحيرني . أزال الله حيرتكم ورزقكم الفردوس الأعلى بغير حساب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا ريب أن الغاية من خلق الجن والإنس هي عبادة الله جل وعلا، ولا يستلزم ذلك كونه سبحانه محتاج لعبادتنا. وقد سبق بيان الرد على هذه الشبهة في الفتاوى أرقام: 17543، 69481.

وأما خلود الكفار في النار إلى الأبد فإنه عدل وحكمة لأن الكفر ظلم عظيم وجرم شنيع يدل على خبث الطوية ودناءة النفس، ولذا قال تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ. {الأنعام: 28}. قال الفخر الرازي: والمعنى أنه تعالى لو ردهم أي إلى الدنيا بعد موتهم ومعاينتهم العذاب لم يحصل منهم ترك التكذيب وفعل الإيمان، بل كانوا يستمرون على طريقتهم الأولى في الكفر والتكذيب. وانظر الفتوى رقم: 65864، والفتوى رقم: 123889.

وبخصوص أهل الفترة الذين لم يأتهم نبي وكذلك من لم يسمعوا بالإسلام فراجع الفتوى رقم: 120765، والفتوى رقم: 122845، وما أحيل عليه فيهما.

وأما من سمعوا بالإسلام عرضا، فإن كانوا قد سعوا إلى معرفته، ولم يتمكنوا من ذلك أو لم يتمكنوا من معرفته على الوجه الصحيح فهؤلاء أيضا كأهل الفترة، وأما إن كانوا لم يحاولوا معرفته والبحث عنه أصلا فهؤلاء حكمهم كحكم غيرهم من الكفار، لعموم قوله صلى اله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار. رواه مسلم. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 121195.

وأما سؤال أهل الفترة ونحوهم وهل يفتنون في قبورهم أم لا؟ فذهب بعض العلماء إلى أنهم يفتنون ويكون جوابهم بحسب ما يؤول إليها حالهم وما يعلمه الله عنهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وَقَدْ تَوَاتَرَت الْأَحَادِيثُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَهِيَ عَامَّةٌ لِلْمُكَلَّفِينَ ؛ إلَّا النَّبِيِّينَ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ. وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ كَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ. فَقِيلَ: لَا يُفْتَنُونَ لِأَنَّ الْمِحْنَةَ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمُكَلَّفِينَ وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ. وَعَلَى هَذَا فَلَا يُلَقَّنُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: يُلَقَّنُونَ وَيُفْتَنُونَ أَيْضًا وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَكِيمٍ وَأَبِي الْحَسَنِ بْنِ عبدوس وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ. اهـ.

وسئل الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ: هل يقع السؤال في القبر والفتنة على أولاد المشركين وأهل الفترة؟ فأجاب: نعم، السؤال عام ويكون جوابهم بحسب ما يؤول إليه حالهم وما يعلمه الله جل وعلا عنهم. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني