الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبيل التقرب إلى الله تعالى ونيل محبته

السؤال

حكايتي غريبة بعض الشيء: فأنا أطيع الله دوما، ولكن أحيانا يأخذني الشيطان إلى الهوى والعصيان، وسرعان ما أعود إلى الله مرة أخرى، منذ عام ونصف رأيت النبي في منامي وقتها كنت مداوما على الصلاة والقرآن إلى درجة أنني كنت أنام وبجواري القرآن شيئا فشيئا تراجعت عن القراءة وقل العمل الصالح، ومنذ 3 أشهر تقريبا رأيت في منامي أنني أدعو الله وفجأة رأيت بقعة مفتوحة في السماء، ورأيت من خلالها البيت الحرام وهو في كامل إضاءته، فأنا أشعر أن الله يحبني، ولكن لا أدري لماذا أعصيه من وقت لآخر من كذبة أو نظرة أو ترك لفريضة حاولت تفسير هذه الأحلام ولكن دون جدوى.
في شهر رمضان لهذا العام وفقني الله إلى ختم القرآن 3 مرات، وعاهدت الله أن أختمه مرة كل شهر، ولكني لم أفعل. أما عن هذه الأيام المباركة فلقد وفقني الله أن أصومها ولكن هذا اليوم (الثامن من ذي الحجة) لم أصمه بسبب معصية فعلتها، وأخشى ألا أستطيع الصوم غدا.
عديد من المواقف أيضا حدثت معي لتبرهن لي أن الله يحبني، ولكن لا أعلم كيف أستقيم في هذا العالم المليء بالشهوات؟
أرجو الإفادة بما هو محتم على أن أفعله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي لكل مسلم أن يحرص على مداومة الطاعة، فإن أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. فعليك أيها الأخ الكريم أن تجاهد نفسك في المداومة على الطاعة والإقبال على الخير، ولا تترك الفرصة للشيطان ليتسلط عليك ويبعدك عما ألفته من الخير، وسبيل التقرب إلى الله تعالى ونيل محبته حقا -لا مجرد الادعاء- يكون بالحفاظ على الفرائض ثم الإكثار من النوافل كما في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

وعليك بمصاحبة الأخيار فإن فيها معونة على طاعة الله تعالى وترك معصيته، واجتهد في الدعاء بأن يوفقك الله تعالى ويأخذ بناصيتك إلى الخير، ثم اعلم أن ابن آدم لا يخلو عن معصية، ولكن الموفق هو من تدارك معصيته بتوبة نصوح تمحو أثرها، كما في الحديث: كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون

فإذا وقعت منك معصية أو بدرت منك زلة فعليك أن تتداركها بالتوبة، وثق أن الله تعالى سيغفر لك ويتجاوز عنك إذا صحت توبتك: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}

وأما ما عاهدت الله عليه من ختم القرآن، فإن كان نية بقلبك دون تلفظ باللسان فلا يلزمك شيء.

أما إن تلفظت بالمعاهدة فقلت أعاهد الله أن أفعل كذا ثم لم تفعله فقد بينا حكمه بالتفصيل في الفتوى رقم: 29746. فراجعها.

وأما هذه الرؤى التي رأيتها فلا علم لنا بتأويلها غير أننا نرجو أن تكون رؤى خير إن شاء الله، ولمزيد الفائدة راجع هاتين الفتويين: 114310، 76092.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني