الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صبغ المرأة بالسواد بعلم زوجها

السؤال

ما حكم صبغ الشعر بالسواد لمن شاب بعض شعرها في سن مبكر، ولا تقصد تدليسا على أحد وذلك بعلم زوجها. أرجو توضيح الحكم على المذاهب الأربعة؟ وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في الصبغ بالسواد بين قائل بالكراهة وقائل بالتحريم، ورخص فيه بعضهم للمرأة تتزين به لزوجها، وقيده بعضهم بما إذا أذن لها الزوج. والراجح والأوفق للسنة هو تحريمه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة. رواه أبو داود والنسائي وأحمد. وصححه الألباني. أَيْ يُغَيِّرُونَ الشَّعْر الْأَبْيَض مِنْ الشَّيْب الْوَاقِع فِي الرَّأْس وَاللِّحْيَة، كما في عون المعبود.

وأما عن المذاهب ففي الموسوعة الفقهية أنه ( ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن خضاب الرجل بالسواد مكروه في غير الجهاد في الجملة. وللحنفية والمالكية في ذلك تفصيل: قال ابن عابدين: يكره الخضاب بالسواد أي لغير الحرب، قال في الذخيرة: أما الخضاب بالسواد للغزو ليكون أهيب في عين العدو فهو محمود بالاتفاق. وإن كان ليزين نفسه للنساء فمكروه، وعليه عامة المشايخ. وبعضهم جوزه بلا كراهة. وقال المالكية: الخضاب بالسواد إذا كان للتغرير فهو حرام. كمن أراد نكاح امرأة فصبغ شعر لحيته الأبيض، بالسواد. وإن كان للجهاد حتى يوهم العدو الشباب ندب. وإن كان للتشاب كره. وإن كان مطلقا فقولان: بالكراهة والجواز. وقال الشافعية: إن الخضاب بالسواد حرام في الجملة، ولهم في ذلك تفصيل وخلاف. قال النووي في المجموع: اتفقوا على ذم خضاب الرأس واللحية بالسواد، ثم قال: قال: الغزالي في الإحياء، والبغوي في التهذيب، وآخرون من الأصحاب: هو مكروه. وظاهر عبارتهم أنه مكروه كراهة تنزيه، والصحيح بل الصواب أنه حرام. وممن صرح بتحريمه صاحب الحاوي في باب الصلاة بالنجاسة، قال: إلا أن يكون في الجهاد، وقال في آخر كتاب الأحكام السلطانية يمنع المحتسب الناس من خضاب الشيب بالسواد إلا المجاهد، ودليل تحريمه حديث جابر رضي الله عنه قال: أتي بأبي قحافة والد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا، واجتنبوا السواد، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام، لا يريحون رائحة الجنة، ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة.. هذا مذهبنا، وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه رخص فيه للمرأة تتزين به لزوجها. وقال النووي في روضة الطالبين: خضاب المرأة بالسواد إن كانت خلية من الزوج وفعلته فهو حرام، وإن كانت زوجة وفعلته بإذنه فجائز على المذهب، وقيل: وجهان كوصل الشعر. وقال الرملي: يحرم على المرأة الخضاب بالسواد، فإن أذن لها زوجها في ذلك جاز؛ لأن له غرضا في تزينها له، كما في الروضة وأصلها، وهو الأوجه.

وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 35687، 21296، 2301، 29034، 121068.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني