الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سلام المأموم قبل تسليمة الإمام الثانية

السؤال

في البداية أشكركم على هذا الموقع المتميز، وأطلب منكم أن تعرضوا أسئلتي على الشيخ كما أطلب منكم أن تسامحني على الإطالة، وأن تجيبوا عن أسئلتي كاملة فإنني أعاني من الوسواس معاناة شديدة.
أنا أصلي وفق المذهب المالكي ولكني في ركن السلام قررت أن أتبع المذهب الحنبلي (أو لعلي قلت سأتبع مذهب السعودية وما أشاهده من صلاة إمام الحرم وغيره في السعودية) نظرا أني لم أكن أدري بالضبط متى يتم التسليم من واحدة ومتى من اثنتين وفق المذهب المالكي لكني اكتشفث أنني أحيانا أسلم قبل التسليمة الثانية للإمام مما يبطل صلاتي وفق المذهب الحنبلي . هل علي إعادة هذه الصلوات ؟ لو فرضنا مثلا أني فعلت ما يبطل الصلاة وفق المذهب أو القول الذي أتبعه كما هو الحال في السؤال السابق ثم اكتشفت ذلك بعد مدة . هل علي الإعادة إذا كانت المسألة محل خلاف بين العلماء؟ ثم قرأت في هذا الموقع المبارك كيفية السلام عند كل من الأئمة مالك والشافعي وأحمد فقررت التسليم من اثنتين أخذا بالأحوط، وقلت سأتبع المذهب الشافعي في مسألة السلام . هل إذا مثلا اتبعت مذهبي في مسألة الجهر بالتسليمة الأولى فقط وأنها سنة وأن نية الخروج من الصلاة مستحبة أكون قد تبعت قولين مختلفين في مسألة واحدة علما أنني لست خبيرا بالفقه وانما خالفت مذهبي في مسألتي أن السلام من اثنتين وقول"السلام عيكم ورحمة الله" لقوة أدلة أصحاب هذا القول وخروجا من الخلاف، وهل هذا يبطل الصلاة عند الإمام مالك؟ وهل لي مثلا إذا كنت متبعا المذهب المالكي أن آخذ في بعض المسائل بآراءعلماء آخرين حيث إن عندي وسواسا شديدا خاصة في أمور الطهارة والنجاسات فلا أستطيع التزام مذهب بعينه في كل شيء ؟ وكيف أعرف إذا ما كنت أتبع قولين مختلفين في مسألة واحدة أو دليل واحد أو أنني أتبع قولا لبعض العلماء قد انجر عنه بعض الأحكام الأخرى والتي اتبعت فيها من حيث لا أشعر الرأي المخالف لهم فمثلا هل يلزم لمن اتبع قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة طهارة القيح أن يتبعه في مسألة نجاسة الدم ( أنا مصاب بالوسواس وبدأت العلاج النفسي وإذا ما اتبعت القول بنجاسة الدم أو الصديد أو القيح فإنني سألاقي تعبا كبيرا) وهل يلزم لمن عمل بطهارة الدم أن يعمل بقول القائلين بعدم وجوب القضاء في الصلاة إذا كان التأخير بغير عذر علما أنني شديد الوسوسة وأتساءل دوما هل فعلت ما يبطل صلاتي أو وضوئي أو ما يجعلني نجسا أو ما يجعلني كافرا أو ما يجعلني أتبع قولين مختلفين في مسألة واحدة أو دليل واحد أو أنني أتبع قولا لبعض العلماء قد انجر عنه بعض الأحكام الأخرى والتي اتبعت فيها من حيث لا أشعر الرأي المخالف لهم وأبحث عن إجابات لأسئلتي في هذا الموقع، وعادة إما أن تكون أسئلتي وساوس لا أساس ها من الصحة أو مسألة خلافية بين العلماء أو لا أجد جوابا . هل أبقى أبحث في كل مرة ؟ وهل ترك ثلاث سنن مؤكدة أو أكثر يبطل الصلاة وفق المذهب المالكي وهل ترك ثلاث سنن من نوع الزائد على قدر الطمأنينة , السجود على صدور القدمين و الاننصات للإمام (كأن ينشغل بأمور الدنيا أو الوساوس عند قراءة الإمام ) يبطل الصلاة وفق المذهب المالكي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنتقول ابتداء للأخ السائل إن مثل هذه الأسئلة التي لا يراعي فيها السائل شروط إدخال السؤال فيتجاوز العدد المسموح به من الأسئلة وعدد الكلمات والحروف، نقول مثل هذه الأسئلة تسبب لنا شيئا من المشقة في الإجابة عنها، لا سيما إذا كانت مليئة بالشكوك ويكثر فيها ( لو فرضنا ) ( وهل إذا مثلا ) ( وكيف أعرف إذا ما كنت ) , وغيرها من الأسئلة الافتراضية، ونحن عندنا من الأسئلة المهمة التي ينتظر أصحابها الإجابة عنها الشيء الكثير؛ ولذا فإنه لا يمكننا الإجابة عن كل نقطة وتفصيل ورد في سؤالك، والأفضل أن تشافه به أهل العلم فهذا أيسر في الجواب والفهم. ولكننا نجيبك عن أهم المسائل التي وردت فيه ونرى أنها تستحق الإجابة فنقول إذا سلم المأموم التسليمة الأولى بعد سلام الإمام التسليمة الأولى وقبل سلامه الثانية فإن صلاته صحيحة حتى على قول الحنابلة القائلين بركنية التسليمتين.

قال في كشاف القناع وهو حنبلي : وَالْأَوْلَى : أَنْ يُسَلِّمَ الْمَأْمُومُ عَقِبَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّسْلِيمَتَيْنِ فَإِنْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ الْأُولَى بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ الْأُولَى وَقَبْلَ سَلَامِهِ الثَّانِيَةَ وَسَلَّمَ الْمَأْمُومُ الثَّانِيَةَ بَعْدَ سَلَامِهِ - أَيْ الْإِمَامِ - الثَّانِيَةُ جَازَ ... اهـ.

والذي نراه صوابا أن الاكتفاء بتسليمة واحدة تصح به الصلاة كما هو قول أكثر أهل العلم وإحدى الروايات عند الحنابلة رجحها ابن قدامة والمتأخرون منهم كما بيناه في الفتوى رقم: 133552 فدع عنك الوساوس وصلاتك صحيحة، ولو اقتصرت على تسليمة واحدة، والمهم أن لا تسلم قبل سلام الإمام التسليمة الأولى، وإذا كنت مقلدا لمذهب من المذاهب المعتبرة في فعل من أفعال الصلاة ثم تبين لك أن ذلك مبطل للصلاة على مذهب آخر فإنه لا تلزمك الإعادة.

وانظر الفتوى رقم 71362 عن اتباع أكثر من مذهب والتنقل بين المذاهب .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني