الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إذا أقسم على شخص أن يفعل أمرا فلم يفعل فمن الذي تجب عليه الكفارة

السؤال

أتمنى تصحيح المعلومة. سمعت أن الإمام أحمد بن حنبل أو جبها-أي كفارة اليمين-على المحلوف عليه. كأن يقول شخص لشخص أقسم بالله عليك لتفعلن كذا فإن لم يفعل وجبت على المحلوف عليه دون الحالف. المصدر هو المجموع للنووي الجزء 21 صفحة 529 باب الإيمان. وللعلم أعاني من حالة نفسية تزعجني وهو أني قد أكون سببا في حنث الآخر بيمينه، كأن يقسم شخص بالله العظيم على أمر وأكون أنا السبب في حنثه بيمينه وأنا على يقين انه لن يخرج الكفارة. فهل يجب علي أن أخرجها أو لا يجب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته منسوبا إلى الإمام أحمد رحمه الله قد وقعت نسبته إليه كما ذكرت في تتمة المجموع للمطيعي رحمه الله، وعبارة تتمة المجموع: "وإن لم يفعل المسؤول ما حلف عليه السائل حنث السائل ووجبت الكفارة عليه، وقال أحمد: يجب الكفارة على المسؤول لأن الكفارة وجبت بفعله، دليلنا أن المسؤول لم يعقد اليمين فلا يلزمه الكفارة كما لو لم يحلف عليه. انتهى.

وهذا القول المذكور رواية عن الإمام أحمد ولكنها ضعيفة مرجوحة في المذهب، والمذهب خلافها وأن الكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه كقول الجمهور.

قال في الإنصاف: لو قال بالله لتفعلن كذا فيمين على الصحيح من المذهب. والكفارة على الحالف على الصحيح من المذهب. وحكى عنه أنها تجب على الذي حنثه حكاه سليم الشافعي. انتهى باختصار.

وفي الإقناع ممزوجا بشرحه كشاف القناع: ( وإن قال والله ليفعلن فلان كذا أو ) والله ( لا يفعلن ) فلان كذا فلم يطعه ( أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن ) يا فلان ( كذا أو لا تفعلن كذا فلم يطعه حنث الحالف ) لعدم وجود المحلوف عليه ( والكفارة عليه ) أي الحالف في قول ابن عمر والأكثر و ( لا ) تجب الكفارة ( على من أحنثه ) لظاهر قوله تعالى { ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان }.

( وإن قال أسألك بالله لتفعلن وأراد اليمين فكالتي قبلها ) يحنث إن لم يفعل المحلوف عليه والكفارة على الحالف ( وإن أراد الشفاعة إليه بالله ) تعالى ( فليست بيمين ) لعدم الإقسام. انتهى.

وإذا علمت أن الراجح هو أن الكفارة على الحالف لا على المحلوف عليه، وأنه هو المعتمد عند الحنابلة. فاعلم أن إبرار المقسم مسنون مندوب إليه، فمهما أمكنك أن تبر يمين من حلف عليك في أمر ما فافعل، وأنت مأجور على ذلك، ولا يجب إبرار المقسم، ولا إثم عليك إذا لم تبر إقسام من أقسم عليك وإن فاتتك الفضيلة بذلك، فإن لم تبر قسمه فأعلمه أن عليه الكفارة وليس عليك أنت تبعة إذا لم يقم هو بإخراجها بل التبعة عليه هو.

قال في كشاف القناع: "( ويسن إبرار القسم ) لقول العباس للنبي صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك لتبايعنه فبايعه النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أبررت قسم عمي. ولا يجب لقول أبي بكر الصديق للنبي صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك لتخبرني بما أصبت مما أخطأت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقسم يا أبا بكر. رواه أبو داود. انتهى.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني