الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول (لا إله إلا الرحمن)

السؤال

هل يجوز قول لا إله إلا الرحمن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك في جواز ذلك، فإن اسم الرحمن من أسماء الله الحسنى، ولا يسمى به على الإطلاق إلا هو. قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى. {الإسراء: 110}.

وذكر البيهقي في (الأسماء والصفات) عن عبد الرحمن بن يحيى أنه قال: الرحمن خاص في التسمية عام في الفعل، والرحيم عام في التسمية خاص في الفعل. اهـ.

وقد عقد البخاري في كتاب التوحيد من صحيحه بابا لهذه الآية.

قال ابن حجر: استدل بهذه الآية على أن من حلف باسم من أسماء الله تعالى كالرحمن والرحيم انعقدت يمينه .. وعلى أن الكافر إذا أقر بالوحدانية للرحمن مثلا حكم بإسلامه ... وأن من قال: لا إله إلا الرحمن. حكم بإسلامه، إلا إن عرف أنه قال ذلك عنادا، وسمى غير الله رحمانا، كما وقع لأصحاب مسيلمة الكذاب. اهـ.

وقد أنكر المشركون هذا الاسم الكريم عنادا وتعنتا، كما قال الله تعالى عنهم: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا. {الفرقان: 60}.

قال ابن كثير: كانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمن، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم" فقالوا: لا نعرف الرحمن ولا الرحيم، ولكن اكتب كما كنت تكتب: باسمك اللهم. ولهذا أنزل الله: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}. أي: هو الله وهو الرحمن. اهـ.

وقال تعالى أيضا: كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ. [الرعد: 30].

قال ابن كثير: أي هذه الأمة التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن، لا يقرون به؛ لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم. اهـ.

هذا وننبه على أن مشروعية هذا القول لا يعني استحباب ذكر الله به، بل المستحب قطعا هو التقيد بالألفاظ الواردة في الكتاب والسنة، وهو قول: لا إله إلا الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني