الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال العلماء في من ترك شيئا من الرمي جاهلا بأحكامه

السؤال

يرجى التكرم بالاطلاع على هذا الأمر وإفتائي فيه-رجل ذهب للحج في سنة من السنين وفي رمي الجمرات توكل بالرمي عن نفسه واثنين من النساء ولجهل من الشخص بأحكام الرمي كان يرمي كل يوم جمرة واحدة عن نفسه وعن المرأتين فما حكم الشرع في ذلك، فهل عليه دم في ذلك؟ وكم يكون هذا الدم؟ وهل عليه إثم في تأخير الدم؟أفتونا مأجورين.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن رمي الجمرات من واجبات الحج، فترمي الجمرة الكبرى وحدها يوم النحر، وفي أيام التشريق: (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر) ترمى الجمرات الثلاث كل يوم بدءاً بالصغرى وانتهاء بالكبرى، وترمى كل جمرة بسبع حصيات، يكبر الرامي مع كل حصاة، ويدعو بعد كل جمرة إلا الكبرى، ودليل ذلك حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
والتوكيل في الرمي جائز بشرط عجز الموكِّل عن الرمي بنفسه، أو حصول المشقة الشديدة، ودليل ذلك حديث ابن عباس عند الترمذي وابن ماجه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجاً، ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم، وكما تجوز الاستنابة في أصل الحج للعجز فجوازها في الرمي من باب أولى.
قال النووي في المجموع: أجمعوا على الرمي عن الصبي الذي لا يقدر على الرمي لصغره، أما العاجز عن الرمي لمرض وهو بالغ، فمذهبنا أنه يُرمى عنه كالصبي وبه قال الحسن ومالك، وأحمد، وإسحاق، وقال النخعي: يوضع الحصى في كفه ثم يؤخذ ويرمى في المرمى" انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: قال ابن المنذر: كل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عن الصبي الذي لا يقدر على الرمي، وبه قال عطاء والزهري ومالك والشافعي وإسحاق انتهى.
أما من ترك شيئاً من الرمي:
-فقال الشافعي وأحمد: إن ترك ثلاث حصيات فصاعداً فعليه دم، وفيما دون ذلك الصدقة في كل حصاة مداً، وفي وجه عند الشافعية أنه على رمي كل يوم دم، وفي وجه آخر أنه على رمي كل جمرة دم.
-وقال مالك: من ترك حصاة واحدة فعليه دم، شاة فإن ترك جمرة أو كل الجمرات فعليه بدنة، وهو رواية عن أحمد.
-وقال أبو حنيفة: لا يجب الدم إلا بترك جمرة العقبة أو الجمار كلها، وفيما دون ذلك الصدقة عن كل حصاة نصف صاع، وراجع المجموع للنووي: (8/270) والمغني لابن قدامة: (3/157).
والذي نرى ترجيحه هو مذهب الشافعية والحنابلة، وعليه فإن الواجب عليك وعلى كل من المرأتين هو دم واحد، فاللازم لجميعكم هو ثلاث شياه تذبح بمكة، وتوزع على فقراء الحرم، أما الإثم فنرجو -إن شاء الله- أن يكون مرفوعاً لأجل الجهل، وكان الواجب عليك أن تتعلم أحكام الحج قبل مباشرة أدائه.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني