الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في حقوق الزوجة وتصرفها في مالها

السؤال

هل من حق الزوج معرفة طرق إنفاق الزوجة لمالها وموافقته على ذلك، أنا أعمل مدرسة وأملك سيارة ونصف المنزل الذي نعيش فيه، وكلما أردت شراء أي شيء زوجي يعارض ويرفض سواء لباس لي ولأولادي أو أثاث، أو أردت عمل أي شيء بالمنزل كالدهان مثلا أو إكمال المطبخ بالخزائن، علما بأنني سأفعل ذلك من مالي وفي النهاية لي ولأولادي الذين هم أولاده لراحتنا واستقرارنا، وهو دائما يرفض. فهل من حقه منعي من عمل أي شيء بمالي، علما بأنني لن أفعل شيئا في النهاية يسبب مشكلة كبيرة بيني وبينه ولكن أريد معرفة مدى حقه في التحكم بإنفاقي لمالي لأنني قرأت عن حقوق الزوج على الزوجة عدم التصرف بمالها إلا برضى زوجها إذاً فأين حقي في مالي إذا كنت سأنفقه في أوجه لا أرغب بها حتى لا يغضب زوجي ولن أستطيع شراء أي شيء إلا برضاه وموافقته، وهو دائما يرفض أي شيء أرغب به فأين حق الزوجة في التصرف بمالها؟ كما أن زوجي لم يدفع لي المهر ولا ينفق علي، ويعمل المشاكل حتى يأخذ كل راتبي ويتصرف به فأنا مجبرة على إعطائه الراتب أو على الأقل عدم التصرف بقرش منه إلا برضاه تجنبا للمشاكل التي يمكن أن تصل للطلاق لأتفه الأسباب حيث إنه اعتاد التهديد بالطلاق وطردي من المنزل، وأنه سيريني أسود الأيام لمجرد شراء أي شيء لا يرضى عنه، وأرجع وأقرأ أن هذا من حق الزوج. فهل هذا صحيح فعلا؟ بدأت أشعر بأنني كالحيوانات يجب أن أعمل وأتعب خارج المنزل وداخله وتربية الأولاد والإنفاق، علما أن راتبي أكبر من راتبه والسيارة عندنا ملكي الخاص قبل الزواج، والمنزل أنا عمرته من مالي الخاص ولكن على أرض أخذها من أبيه وبعد مناوشات طويلة وصلت للطلاق تقريبا قبل أن يكتب لي نصف المنزل، علما أن الإعمار مني وهو يساوي ضعف ثمن الأرض التي بنينا عليها، ولكنه كان يقول لي إن أعطيه المال ليعمر به فإذا كنت (مليحة) على رأيه أبقاني بالبيت وإلا لن تعيشي معي، وأرجع لأقرأ أن من حق الزوج أن تلعق زوجته القيح إن سال منه حتى قدميه، في الحقيقة بدأت أشعر بالألم الشديد فزوجي لا يعاملني بشكل حسن وهو لئيم ويعاملني بقسوة ويجرحني، ويسبني ويهينني أمام الناس، ويأخذ مالي رغما عني ولا أراه في المنزل إلا عابسا ولا يتكلم إلا بانتقاد وكلام جارح، ولا أشعر بأي نوع من الحب منه لي، حتى أثناء المعاشرة، وحتى المعاشرة لا أجده راغبا بها فأنا أحاول معه وأحاول إشعاره لأنني أشعر بأنها آخر ما تبقى من علاقتنا الزوجية فأحاول الإبقاء عليها، ولكني أشعر بأنني أفرض نفسي فرضا عليه فإذا لم ألمح له أو حتى أطلب بصراحة يتركني لفترات طويلة بالأسابيع وينتظر أن أبدأ أنا دائما، وأثناء المعاشرة لا أشعر سوى بأنني كالحيوانات لا حب ولا مشاعر بل أن واجبي أن أقدم جسدي له، علما بأنني أفعل كل شيء يبسطه وكل شيء يسعده، فماذا أفعل، فهل هذا الزوج له كل تلك الحقوق، وأنا أين حقي أليس لي حقوقا؟ أنا لا أرى سوى أحاديث عن عظم حق الزوج، أليس للزوجة حقوق؟ وإذا لم يراعيها الزوج ألا يأثم؟ في الحقيقة أشعر أحيانا بأنني قاربت على الكفر حقا ساعدوني، عند ما أرى كل حقوق الزوج وأنا ليس لي حقوق. فعلا أشعر بذلك وأبدأ بالاستغفار تأنيب الضمير. فهل أنا ليس لي حقوق لا معاشرة ولا إنفاق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد جاءت الشريعة بتكريم المرأة وصيانتها، ومن ذلك أن الله سبحانه قد أمر الرجل بمعاشرة زوجته بالمعروف فقال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. {النساء:19}. قال ابن كثير في تفسيره: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف. انتهى.

وقال أبو السعود في تفسيره: وعاشروهن بالمعروف. خطاب للذين يسيئون العشرة معهن، والمعروف ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في المبيت والنفقة والإجمال في المقال ونحو ذلك. انتهى.

وقال الألوسي في روح المعاني: (وعاشروهن) أي خالقوهن (بالمعروف) وهو ما لا ينكره الشرع والمروءة، والمراد ههنا النصفة في القسم والنفقة، والإجمال في القول والفعل، وقيل: المعروف أن لا يضربها ولا يسيء الكلام معها ويكون منبسط الوجه لها، وقيل: هو أن يتصنع لها كما تتصنع له. انتهى.

وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي. وقال: حديث حسن صحيح، وفي الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: استوصوا بالنساء خيراً.

من هنا يتبين أن ما يفعله زوجك من إيذائك بما ذكرت يخالف ما أمرت به الشريعة المطهرة، وفعله هذا معصية ظاهرة بل عده بعض العلماء من كبائر الذنوب كما في كتاب الزواجر عن اقتراف الكبائر..

واعلمي أن الشرع لم يرض للمرأة بإهانة زوجها لها بل أباح لها طلب الطلاق إن هي تضررت من زوجها بإيذاء ونحوه.

وفي ذلك يقول الدردير رحمه الله في الشرح الكبير: ولها أي للزوجة التطليق بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعاً، كهجرها بلا موجب شرعي وضربها كذلك وسبها وسب أبيها، نحو: يا بنت الكلب، يا بنت الكافر، يا بنت المعلون، كما يقع كثيراً من رعاع الناس، ويؤدب على ذلك زيادة على التطليق، كما هو ظاهر وكوطئها في دبرها. انتهى.

واعلمي أن للزوجة حقوقاً على زوجها وقد بينا حقوق الزوجة مفصلة في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 65518، 39298، 60909.

أما عن مالك الخاص فنقول: قد كفلت الشريعة للمرأة الحرة الرشيدة حرية التصرف في مالها فيما أباحه الله وأحله، ولو من غير إذن زوجها، في قول جمهور أهل العلم، ولا يجب عليها أن تخبره أين تنفقه، ولا أن تستأذن منه في ذلك لأن ذلك محض حقها، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 118957، وقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 42518، أن راتب الزوجة حق خالص لها وأن لها الحق أن تنفقه كما تشاء في الأمور المباحة ولا يحق لزوجها منعها من ذلك أو الاعتراض فيه، بل وسبق أن ذكرنا أنه ليس من حق الزوج معرفة قدر الراتب الذي تتقاضاه زوجته، وبينا في الفتوى رقم: 110596 أن تهديد المرأة بالطلاق يتنافى مع العشرة الحسنة التي أمر الله بها، وبينا في الفتوى رقم: 65668، والفتوى رقم: 80062 أن من حق الزوجة على زوجها أن يراعيها في أمور الفراش وأن يقدم بين يدي المعاشرة من الملاعبة ونحوها مما يهيئها للقاء فتنال من اللذة مثلما ينال.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني