الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم إخراج الزكاة من الكتب لمن يتاجر فيها

السؤال

أنا تاجر كتب إسلامية، وأرغب بتوزيع زكاتي كتبا على طلاب العلم، ولكن هل أحسب في هذه الزكاة ثمن الكتاب عند شرائي له أو سعر المبيع الحقيقي، فإذا كنت اشتريته بـ (200) وأبيعه بـ (300) على أي حساب أحسب الزكاة؟ مع العلم أنني عندما اشتريته بـ (200) كلفني أكثر من ذلك بـ (25) بسبب الشحن والتخزين فعلى أي سعر أحسب الزكاة؟ وهل أستطيع أن أتخير أنا أنواع الكتب التي ستوزع أم على أي طريقة يتم الاختيار؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يصح أن تخرج زكاة التجارة من أعيانها عند جمهور أهل العلم، بل لا بد أن تخرج من قيمتها، وأجاز طائفة من أهل العلم إخراج أعيان من عروض التجارة لا سيما للحاجة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 52501.

وقد أجاز العلماء لطالب العلم الفقير المشتغل بتحصيل علم من العلوم التي يحتاجها المسلمون، والذي يتعذر عليه الجمع بين طلب العلم والكسب أن يعطى من الزكاة إذا كان نجيباً، لأن تحصيل مثل هذا العلم فرض على الكفاية، ولأن نفع علمه يعود على المسلمين وليس عليه فحسب، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 58739.

ولكنا ننبه إلى أن الزكاة شرعت لسد خلة الفقراء، فيتعين النظر في مدى حاجة الطلاب للكتب، وهل هم أحوج إلى غيرها، فبعض الطلاب قد يكون محتاجاً لما يأكله أو يلبسه أو يؤجر به سكناً، وربما يستغني عن كثير من الكتب حيث يمكن أن يجد موسوعات علمية في قرص، وقد يجد مكتبات عامة يستعير منها أو يطالع فيها.

وأما إذا تؤكد من حاجة الطلاب للكتب، وكان هؤلاء الطلاب فقراء عاجزين عن شراء ما يحتاجونه منها، وأراد صاحب المكتبة الدفع لهم من الكتب، فينبغي تقويمها بسعرها الحالي لا بما اشتريت به، ولا يلزمك تخيير الطلاب في كتبك، ولكنه يتعين استشعار مراقبة الله تعالى، وحاول التنسيق مع الطلاب، فاعرض عليهم من مكتبتك ما هو متوسط الثمن والجودة، فإن كانوا راغبين فيه فأعطه لهم، وإلا فارجع للأصل وأخرج زكاتك من النقود، وذلك أن الله تعالى ألزم إخراج الزكاة من الوسط ومنعها من الرديء، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ {البقرة:267}، فقد نهاهم الله تعالى في هذه الآية عن القصد لإخراج الخبيث من المال، فلا يتصدق برديء المال بل يلزمه الوسط، ولا يجب عليه إخراج أجوده لما في حديث الصحيحين: وإياك وكرائم أموالهم. وقال خليل في مختصره: ولزم الوسط.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني