الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تزوجها بلا ولي ولا شهود ثم طلقها ثلاث مرات

السؤال

أما بعد :
رجل مغربي متزوج، وأراد أن أن يعدد بزوجة ثانية فدل على شابة متدينة وقبلت به زوجا، لكن والداها لم يرغبا في هذا الزواج بل رفضاه، فأرسل مع صديق لأبيها فرفض أبوها.
فذهب الرجل إلى المحكمة ووضع طلبا للإذن له بالتعدد بالثانية فأجابوه إلى ذلك، وأعطوه إذنا ليوثق عقد الزواج بها، فذهب بالمرأة إلى من يوثق العقود فلم يشهد هذا النكاح إلا من وثقه والرجل والمرأة والموثق، وتمت كتابة العقد دون ولي ودون الشاهدين، وقد كتب في العقد بأن المرأة فلانة زوجته نفسها دون حضور وليها وتم الزواج.
وهذا نص مدونة الأسرة :
المادة 24 : الولاية حق للمرأة , تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها.
المادة 25 : للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها, أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
فتزوجها الرجل رغما عن أهلها، وحاول الصلح معهم فيما بعد، وتم له ذلك، لكن بقيت العداوة بينه وبين أهلها، فكلما ذهبت لزيارتهم إلا وأوغروا صدرها عليه حتى تطلب منه فراقها، وكانت مريضة بمس وهذا ساعدهم على ذلك الأمر، فطلقها الرجل طلاقا خلعيا لكن سرعان ما رجعت إليه تطلب الرجوع لكن بدون رغبة أهلها فأرجعها في عدتها فبقيت معه مدة ثم طلقها المرة الثانية مكرها لأنه لا يريد طلاقها وهي لا تدري ما يخرج من رأسها حيث تكرهه على تطليقها بعدما يوغرون صدرها عليه، ثم ردها كذلك في عدتها دون استشارة أهلها لأنه يحبها ولا يطيق فراقها وهي كذلك، لكن المرة الأخيرة طلبت منه الطلاق فخاف إن لم يطلقها أن تقع أمور شر لأن أهلها يستغلونها لما تكون حالها سيئة ويوصون بالطلاق فطلقها مكرها طلاقا خلعيا، وبعد مدة وقد طالت من الفراق أصبحت تتصل عليه وترجومنه أن يردها، وإلا فسوف تقدم على قتل نفسها وغير ذلك، فأجابها بأنه لا يستطيع الزواج بها لأنها مطلقة ثلاثا.
لكنه لما سأل عن أمره أجيب بأنه يستطيع التزوج بها لأن نكاحه لها كان باطلا لأنه يفتقد للولي الذي لا يصح العقد إلا به وكذلك الشاهدين وكذا الطلاق من هذا النكاح الباطل، وإن وقع فلا يعتد بالرجعة منه لأنه بائن .
فهل يجوز له الزواج بها من جديد؟
وجزاكم الله خيرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما جرى بينك وبين من ذكرت لا يعتبر نكاحا لفقده ركني الولي والشاهدين، فمن شروط صحة النكاح وجود ولي للمرأة، كما هو مذهب الجمهور، وكل نكاح بدون إذن ولي المرأة فهو باطل، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل... إلى آخره.

وما جاء في حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. الحديثان رواهما الخمسة إلا النسائي، وعن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعاً: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. رواه ابن حبان والبيهقي.

وذهب بعض أهل العلم إلى أن النكاح يصح دون إذن ولي المرأة، وراجع الفتوى رقم: 110722.

ولو افترضنا أن أبا المرأة قد عضلها عن النكاح، وأن ذلك مسوغ لأن يزوجها القاضي، وأن نائب القاضي هنا هو الموثق الذي زوجها، أو أنك تقلد من يقول بعدم اشتراط الولي فإنه يشترط لصحة العقد أيضا حضور شاهدي عدل، ولا يصح بدون ذلك عند أكثر أهل العلم، كما هو مبين في الفتوى رقم: 27013. وهذا العقد لم يشهده شاهدان بحسب ما فهمنا من السؤال ولم يقع إشهاد قبل الدخول.

فبان مما ذكر أنه قد حصل تلاعب بأحكام الله فبادر إلى التوبة مما اقترفته.

وفي خصوص ما سألت عنه من أمر التزوج بهذه المرأة من جديد، فالظاهر أنه يصح؛ لأن ما حصل من الطلاق إنما يعتد بالأول منه، وهو طلاق بائن، لكونه فسخا لنكاح فاسد، ولكونه خلعا، فكلا الوصفين تقع به البينونة. والطلاق البائن لا يصح ارتجاع الزوجة فيه إلا بعقد جديد، وإذا لم تصح الرجعة لم يصح الطلاق. وراجع فتوانا رقم: 78742، وفتوانا رقم: 7820.

فإذا تبتما مما وقعتما فيه فلا مانع من تراجعكما بعقد جديد تتوفر فيه شروط الصحة من إذن الولي وحضور الشهود ونحو ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني